سعود الشَرَفات / مدير مركز شُرُفات لدراسات وبحوث العولمة والإرهاب
عمان-الأردن
ظل موضوع ضلوع الجماعات الإرهابية الإسلاموية مثل القاعدة وداعش في تجارة المخدرات أو تسهيل الاتجار بها لغايات التمويل مسألة معقدة بالنسبة للخبراء والباحثين المهتمين بالمعلومات العلمية المحايدة والدقيقة وغير المتحيزة. لكن تواترت في الأونه الأخيرة التقارير والأبحاث التي تتحدث عن هذا الموضوع المثير ومن ضمنها هذا الورقة العلمية التي نلخص ابرز ما جاء فيها هنا .
وتوضح الورقة البحثية لـ Lyammouri & Milnes (2025) أن جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” (JNIM)، الفرع الإقليمي للقاعدة في منطقة الساحل الإفريقي تلعب دورًا مركزيًا في تجارة المخدرات الدولية باعتبارها أحد المصادر الرئيسية للتمويل لعملياتها الإرهابية. الجماعة تعتمد على تلاقي استراتيجي بين الإرهاب والجريمة المنظمة لتأمين موارد مالية تمكنها من تعزيز قدراتها العسكرية وتطوير تقنيات قتالية متقدمة، بما في ذلك استخدام الطائرات المسيّرة في العمليات الميدانية.
شبكة التهريب الدولية
تشير الورقة إلى أن التعاون مع الكارتلات المكسيكية، مثل كارتل سينالوا، يعد من أبرز السمات في تمويل JNIM. تستفيد الكارتلات من شبكات الجماعة في الساحل لتسهيل نقل الكوكايين والمخدرات الأخرى عبر موانئ غرب إفريقيا. تشمل الدول والموانئ الرئيسة المستخدمة في التهريب:
هذا التعاون بين JNIM والكارتلات المكسيكية لا يقتصر على النقل البحري فحسب، بل يشمل تبادل الخبرات التشغيلية في التخفي، حماية الشحنات، وإدارة شبكة التوزيع، مما يعكس مستوى متقدمًا من تنسيق العمليات بين الجماعات المسلحة والجريمة المنظمة الدولية (Lyammouri & Milnes, 2025).
الاستفادة من ضعف الرقابة الأمنية
تستفيد JNIM من ضعف الرقابة البحرية والأمنية في الموانئ الغربية لتسهيل عمليات التهريب. وتوضح الورقة أن الجماعة تستخدم المناطق غير المسيطر عليها لتخزين المخدرات مؤقتًا قبل تصديرها إلى الأسواق الدولية، ما يجعل الساحل الإفريقي مسرحًا لتقاطع الإرهاب والجريمة المنظمة. ويظهر هذا الوضع أن JNIM قادرة على التحرك بحرية نسبية عبر الحدود الإقليمية، مما يزيد من التهديد الأمني في المنطقة (Lyammouri & Milnes, 2025).
مقارنة مع تنظيم داعش
تؤكد الورقة أن تنظيم داعش وولاياته في غرب إفريقيا، مثل فرع بوكو حرام/ولاية غرب إفريقيا (ISWAP)، لا يمتلك دورًا واضحًا أو فعالًا في تجارة المخدرات الدولية، بخلاف JNIM. ويعتمد داعش أساسًا على التمويل المحلي عبر الخطف مقابل الفدية، الابتزاز، ونهب الموارد الزراعية والطبيعية. ولا توجد دلائل على تعاون داعش مع الكارتلات المكسيكية أو شبكات تهريب المخدرات الدولية، مما يميز JNIM كـ اللاعب الأساسي في تمويل الإرهاب عبر تجارة المخدرات في الساحل (Lyammouri & Milnes, 2025).\
الأبعاد الاستراتيجية والأمنية
تشير الورقة إلى أن العلاقة بين JNIM والكارتلات المكسيكية تمثل نموذجًا فريدًا لتداخل الإرهاب والجريمة المنظمة على المستويين الإقليمي والدولي، وهو ما يؤدي إلى مجموعة من التداعيات الأمنية:
- تعقيد جهود مكافحة الإرهاب بسبب تعدد مصادر التمويل وفعالية شبكات التهريب.
- تسهيل نقل الأسلحة والخبرات القتالية عبر الحدود، مما يعزز قدرة الجماعة على تنفيذ هجمات معقدة.
- تعزيز الاستقرار المالي للجماعة، ما يسمح بتوسيع عملياتها الميدانية والدعائية.
- إطالة أمد عدم الاستقرار الإقليمي في الساحل الإفريقي، وجعل هذه المناطق مسرحًا لتلاقي الإرهاب والجريمة المنظمة (Lyammouri & Milnes, 2025).
خلاصة وتحليل الورقة
توضح الورقة أن JNIM تشكل نموذجًا واضحًا لكيفية استخدام جماعات مرتبطة بالقاعدة لتجارة المخدرات كأداة تمويل إستراتيجي للإرهاب. وتؤكد المقارنة مع داعش أن التهديد الأكبر في مجال التمويل الإرهابي عبر تجارة المخدرات في الساحل الإفريقي يأتي من الجماعات المرتبطة بالقاعدة، وليس داعش. ويشير التحليل إلى أن نجاح JNIM في استغلال ضعف الرقابة الأمنية والتعاون مع الكارتلات المكسيكية يمثل أحد أبرز التحديات التي تواجه الأمن الإقليمي والدولي، ويتطلب تدخلات متخصصة في مراقبة الموانئ، تعزيز التعاون الأمني الدولي، ومراقبة تدفق المخدرات والموارد المالية المرتبطة بالإرهاب (Lyammouri & Milnes, 2025).
- المرجع: لمزيد من التفاصيل أنظر
Lyammouri, R., & Milnes, N. (2025, September). Drone warfare and cartel convergence in West Africa: Risks to American safety, security, and prosperity (Policy Paper No. 33–25). Policy Center for the New South. Retrieved from https://www.policycenter.ma/sites/default/files/2025-09/PP_33-25_Rida%20Lyammouri%20%26%20Niccola%20Milnes.pdf
