
الرد الأمريكي والأوروبي على تهديدات الإخوان في الأردن: تحليل لغياب التصريحات الرسمية
سعود الشرفات
مؤسس ومدير مركز شُرُفات لدراسات وبحوث العولمة والإرهاب
في أبريل 2025، أعلنت السلطات الأردنية عن إحباط مخطط إرهابي كان يستهدف المملكة، حيث تم اعتقال 16 شخصًا من جماعة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي. رغم أهمية الحدث وتأثيره المباشر على الأمن الوطني الأردني، إلا أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية لم تصدر أي تصريحات رسمية بشأن الحادث. هذا الصمت دفع العديد من الخبراء والمحللين إلى التساؤل عن أسباب غياب التصريحات الرسمية من القوى الغربية التي تعتبر حليفة للأردن في مكافحة الإرهاب. يهدف هذا المقال لمركز شُرُفات إلى تحليل أسباب هذا الصمت والآثار المترتبة عليه، مع التركيز على المواقف الأمريكية والأوروبية. ولماذا أحجمت عن الاعلان عن دعم الاردن في ظل هذه الظروف الحرجة ؟
تحليل الموقف الأمريكي
الولايات المتحدة: حتى الآن، لم تُصدر وزارة الخارجية الأمريكية أو البيت الأبيض بيانًا رسميًا يُدين هذه العملية الإرهابية أو يُعبر عن موقف واضح تجاهها.
الولايات المتحدة، التي لطالما اعتبرت الأردن حليفًا رئيسيًا واستراتيجيا في منطقة الشرق الأوسط، لم تُصنف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية على الرغم من ارتباط الجماعة بعدد من العمليات الإرهابية في المنطقة. هذه السياسة تساهم في تعقيد المواقف الأمريكية تجاه العمليات التي قد تشارك فيها الجماعة مستقبلاً.
ورغم أن الولايات المتحدة تدعم الأردن في جهود مكافحة الإرهاب، وهما عضوين فاعلين في كافة تحالفات مكافحة الإرهاب الدولية فإن الولايات المتحدة غالبًا ما تتجنب إصدار تصريحات رسمية علنية عن الحوادث التي قد تشمل جماعة الإخوان. يمكن أن يكون غياب التصريحات ناتجًا عن تخوف الولايات المتحدة من تصعيد الوضع في المنطقة أو التأثير على علاقتها مع دول حليفة أخرى في المنطقة مثل قطر وتركيا، حيث تتمتع جماعة الإخوان المسلمين برعاية وبنفوذ.
الأسباب الأخرى التي قد تفسر هذا الصمت هي المصالح الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، التي تعتمد على استقرار الأردن كحليف أمني. التصريحات العلنية قد تعقد هذه العلاقات أو تؤدي إلى تفاقم الأزمات الإقليمية، ولذلك تفضل الولايات المتحدة عادة اتباع سياسة الحذر الشديد.
تحليل الموقف الأوروبي
مثل الولايات المتحدة، يتبنى الاتحاد الأوروبي سياسة الحذر تجاه قضايا الإرهاب المرتبطة بالإخوان المسلمين. ورغم أن بعض الدول الأوروبية أبدت تحفظًا على تصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية، فإن الاتحاد الأوروبي يسعى للحفاظ على استقرار العلاقات مع الأردن ودول المنطقة الأخرى، ولا يرغب في التدخل بشكل علني في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.
التحفظات الأوروبية بشأن الإخوان قد تؤدي إلى تجنب التصريحات العلنية في مثل هذه الحالات، حيث يمكن أن يُنظر إليها على أنها تدخل في السياسة الداخلية لدول أخرى أو محاولة لتحديد موقف ضد أطراف معينة في المنطقة.
ومن جهة أخرى، قد يكون غياب التصريحات الأوروبية أيضًا بسبب رغبة الاتحاد الأوروبي في عدم التصعيد، والعمل خلف الأبواب المغلقة من أجل التوصل إلى حلول دبلوماسية دون زيادة التوترات.
الأسباب وراء غياب التصريحات الرسمية
هناك عدة عوامل تفسر غياب التصريحات الرسمية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي:
- التوازن الدبلوماسي: دول الغرب تتبع سياسة الحذر في علاقاتها مع دول الشرق الأوسط لضمان الحفاظ على استقرار العلاقات مع جميع الأطراف المعنية. تصريحات حاسمة قد تؤدي إلى انقسامات بين الحلفاء الإقليميين وتفاقم الأزمة.
- التحفظات السياسية الداخلية: بعض الحكومات الغربية قد تتجنب الإدلاء بتصريحات علنية بسبب الضغوط الداخلية من بعض الأحزاب أو منظمات المجتمع المدني التي قد تعارض اتخاذ موقف حازم ضد جماعة الإخوان.
- المصالح الاستراتيجية: غياب التصريحات قد يكون أيضًا محاولة من الدول الغربية لحماية مصالحها الاقتصادية والأمنية في المنطقة. اتخاذ موقف علني قد يؤثر سلبًا على التعاون الاستخباراتي أو العسكري مع الأردن ودول الخليج.
التداعيات المحتملة لهذا الصمت
عدم إصدار تصريحات من قبل القوى الكبرى قد يؤثر على الأمن الوطني الأردني على عدة مستويات:
- النفوذ الإقليمي للأردن: غياب التصريحات الرسمية قد يؤدي إلى تقليص الدعم الدولي للأردن، وهو ما قد يضر بجهود المملكة في مواجهة التحديات الأمنية الداخلية والخارجية.
- الضغط الداخلي على الحكومات الغربية: هذا الصمت قد يواجه انتقادات من داخل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، حيث قد يُنظر إلى غياب المواقف العلنية على أنه ضعف في مواجهة الإرهاب أو تواطؤ مع أطراف معينة.
- علاقات الأردن مع الغرب: على الرغم من أن غياب التصريحات قد يُفهم كحفاظ على العلاقات الدبلوماسية، إلا أنه قد يؤدي إلى توتر غير ضروري في العلاقات بين الأردن والدول الغربية. الشفافية في المواقف السياسية قد تكون أساسية لتعزيز التعاون المستقبلي.
الخلاصة
في ظل غياب التصريحات الرسمية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بعد إحباط المخطط الإرهابي في الأردن، يمكن القول إن هذا الصمت يعكس معايير دبلوماسية وسياسية معقدة. الدول الغربية قد تفضل تجنب التصعيد العلني حفاظًا على استقرار العلاقات مع الأردن ودول المنطقة الأخرى. لكن في المستقبل، قد يكون من الضروري أن تعيد الدول الغربية النظر في مواقفها وتصريحاتها علنًا، لتجنب تبعات هذا الصمت ولتعزيز التعاون الفعّال في مواجهة تهديدات الإرهاب في المستقبل .