
تشكل الضربات الجوية الأمريكية على الحوثيين في اليمن اذار 2025م جزءاً من محاولة إرسال رسالة سياسية تهدف في المقام الأول إلى الضغط على إيران، التي تدعم الحوثيين، بدلاً من القضاء على قدرة الحوثي على استهداف الطرق البحرية الحيوية. وفي هذا السياق يمكن تلخيص التأثيرات والمآلات المحتملة على النحو التالي:
- إعادة الثقة في الملاحة العالمية على المدى القصير:
أدت هجمات الحوثيين التي تجاوزت 100 هجوم منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023 إلى تغيير مسارات السفن، حيث تم تحويل نحو 60% من السفن المرتبطة بالاتحاد الأوروبي إلى طرق بديلة على حساب البحر الأحمر. وقد دفع ذلك الى ارتفاع تكاليف الشحن البحري بنسبة نحو 250%، ما تسبب في خسائر اقتصادية بمليارات الدولارات. وفي هذا السياق، تهدف الضربات الأمريكية إلى استعادة الثقة في الملاحة عبر البحر الأحمر وتأمين الطريق الحيوي الذي تمر به حوالي 12% من التجارة العالمية وحوالي 20% من استهلاك النفط والغاز. - تأثير رمزي على الرادع:
على الرغم من أن الضربات قد تساهم في تخفيف بعض المخاوف الأمنية على المدى القصير، إلا أن تأثيرها على تغيير سلوك الحوثيين يُعد محدوداً. إذ يظهر جلياً أن الضربة لم تكن موجهة حصرياً للتصدي لهجمات الحوثيين بحد ذاتها، بل كانت بمثابة مغلف لرسالة سياسية أوسع موجهة لإجبار إيران على التنازل عن سياساتها في المنطقة. ومن هذا المنطلق، يُتوقع أن تستمر الحوثيين في استهداف الممر المائي الحيوي، وربما تزداد حدة الهجمات نظراً للتعاطف الشعبي الذي قد ينشأ نتيجة للضربات الأمريكية. - أهمية معالجة جذور المشكلة:
إن الطريق الوحيد لتحقيق رادع فعال ليس عبر الضربات الجوية والصواريخ بعيدة المدى فقط، بل يكمن في وقف الدعم الإيراني الذي يغذي قدرات الحوثيين، والضغط على إيران على مختلف الأصعدة. كما يجب تقوية الحكومة اليمنية وكافة أطياف المعارضة للحوثيين. هذا النهج الشامل، الذي يركز على معالجة الأسباب الجذرية للصراع في اليمن، هو الذي سيحقق استقراراً دائماً ويدعم إعادة الملاحة البحرية إلى وضعها الطبيعي دون المخاطر الأمنية المتزايدة.
الخلاصة:
يمكن القول إن الضربات الأمريكية، وإن كانت ترسل رسالة سياسية واضحة، إلا أنها تحمل تأثيراً محدوداً في إعادة الملاحة العالمية إلى سابق عهدها أو في ردع الحوثي بشكل فعال. إذ أن الرسالة الموجهة أساساً إلى إيران تُبقي الحراك ضد الحوثيين قائمًا، وقد تؤدي في المدى الطويل إلى زيادة التعاطف الشعبي مع الحوثي. لذا، فإن الحل الحقيقي يكمن في إنهاء الدعم الإيراني والتضافر مع القوى اليمنية الداخلية لمواجهة الحوثيين من جذورها.
العميد المتقاعد الدكتور سعود الشَرَفات
مؤسس ومدير مركز شُرُفات لدراسات وبحوث العولمة والإرهاب. عمان-الأردن