المحلل والخبير الأمني
عمر الرداد
oaalraddad@gmail.com
تحليل خاص بمركز شُرُفات
في الوقت الذي يتم فيه تضييق الخناق على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام ،في معقليها بالموصل العراقية والرقة السورية، وتراجعها،وفقدانها مساحات واسعة من الأرض التي سيطرت عليها، واقتصار نجاحاتها في تتفيذ عمليات ، تقودها ذئاب منفردة في بريطانيا ،وفرنسا وبلجيكا،يحتل حمزة بن لادن مساحة من التغطية الاعلامية ،خاصة في الاعلام الغربي ، باعتباره زعيم القاعدة الجديد، من خلال بث فيديوهات وتسجيلات صوتية ، تتضمن رسائل للمجاهدين ، على طريقة والده؛ اسامة بن لادن ، خلال الفترة (1995-2010). والتي شهدت صعود نجم القاعدة بعمليات نوعية، تم تتويجها ب 11سبتمر.
مرورا بعمليات نوعية اخرى في العراق وكينيا وأفغانستان وباكستان وغيرها كثير.
يبدو من الصعوبة بمكان على المحلل تجاوز حقيقة التزامن بين انحسار داعش في العراق وسوريا، حيث تواجدها المعلن والمكشوف وميدان عملياتها، وبين اعادة ظهور حمزة بن لادن، زعيما جديدا لتنظيم القاعدة الام ، فهل التقطت القاعدة الام اللحظة التاريخية ، وهي الاكثر خبرة وتنظيما وتخطيطا وتنفذا للعمليات النوعية وفي الحرب ،وهل لديها من المعطيات ما يكفي للقول ان نجم داعش الى افول؟
ان المرحلة الحالية التي تعيشها داعش والقاعدة ربما تشكل اخطر مراحلهما، حيث ستحدد مالاتها اتجاهات الارهاب العالمي في المستقبل، ارتباطا بكونهامرحلة انتقالية ،من غير المعروف كم تحتاج من الوقت لكي تستقر المغالبة بينهما. ويبرز هنا وبقوة سيناريو الحرب بين التنظمين ،على غرار تلك المعارك بينهما في سوريا تحديدا، والتنافس في أفريقيا، يعزز ذلك ان هناك خلفية تتمثل بحروب اعلامية وفقهية وصلت حد تكفير كل منهما الاخر، كان ابرزها رسائل ايمن الظواهري زعيم القاعدة الى ابي بكر البغدادي بعد اعلان الخلافة والمعارك الطاحنة بين التنظيمين في سوريا.
وبافتراص ان يتحقق سيناريو انتصار القاعدة على داعش ، وحسم المعركة لصالحها، وعودتها بقوة،فان الطريق لتولي حمزة بن لادن قيادتها ، ليست سهلة ،وربما ان افضل مقومات الشاب حمزة ،ارتباطه اسما مع والده .اذ ان كنيته (ابن لادن) تعتبر من اهم مقومات نجاحه وقبوله ،وغير ذلك فان عقبات كثيرة ،ستواجهه ، لعل ابرزها:
١.خبراته التنظيمية ،اذ ان كل ما يعرف عنه قربه من والده، وثقة والده به ، ومن غير المعروف حجم اطلالته على التنظيم بمستويات قيادية ،من حيث الادارة المالية وجوانب الدعم اللوجستي، بالاضافة لعمليات التخطيط والتديب واختيار الأهداف وعناصر التنفيذ وغيرها الكثير مما يحتاج لخبرة ،اذ بدون اطلالة كافية على مقدرات وأوضاع التنظيم فليس سهلا تحقيق اهداف الغاية التي شكلت من اجلها القاعدة.
٢.أوضاع التنظيم وفروعه وساحات عمله ،حيث تعرضت القاعدة منذ حرب افغانستان عام ٢٠٠١ لضربات موجعة اسهمت في انهاك التنظيم وفقدانه مركزه في افغانستان وقتل وهروب العديد من القيادات ، حتى اضحت القاعدة تنظيما هامشيا في افغانستان يعمل تحت سقف حركة طالبان ومن خلالها،فيما تكاد تقتصر ساحات عمله على اليمن ، وسوريا من خلال جبهة النصرة سابقا فتح الشام حاليا، وفي تقديرنا ان هذا العامل لن يشكل عائقا كبيرا امامه،ارتباطا بلامركزية القاعدة ، بعد ضربها في افغانستان.
٣.مدى قبول قادة القاعدة، او من تبقى منهم من الرعيل المؤسس، ممن شاركوا في تاسيس القاعدة مع والده ،وعلى راسهم ايمن الظواهري ،زعيم القاعدة الحالي، وامراء فروع القاعدة في ساحات عملها ،خاصة في سوريا واليمن وجزيرة العرب، وغيرها من الساحات.
وربما يكون الشاب حمزة اكثر قبولا لقيادة القاعدة في تلك الساحات منه بالمركز في أفغانستان والباكستان، لكون قيادات تلك الساحات من العناصر الشابة، التي تحتفظ بصورة والده أسامة كملهم لهم ،وتدرك الضعف الذي اصاب القاعدة منذ تصفية ابن لادن الاب.
وفي تقديرنا ان عودة القاعدة ستاخذ وقتا ، لاعادة لملمة اوضاعها ، والى ذلك الحين ، فيرجح ان تبدأ بعمليات نوعية وكبرى تاخذ اصداءا اعلامية كبيرة
، يساعدها في ذلك حالة الفوضى التي يعيشها الاقليم من جهة ، المرشحة لمزيد من التصعيد، خاصة في ظل احتمالات استهداف إيران، وسياقات الحرب المذهبية، التي ستوفر للقاعدة حاضنة اكثر ملاءمة، يعززها الاحتمالات القوية بان القاعدة لن تستخدم اساليب داعش الوحشية،والتي كانت احد ابرز اسباب الخلاف بين التنظيمين،لكن الأهم من ذلك ، وضمن جملة الأسئلة الكبرى المطروحة، هل على العالم ان يستعد لمتابعة ومشاهدة عمليات تذكر ب ١١ سبتمبر و،كيف ستكون علاقة القاعدة بقيادتها الجديدة مع ايران خاصة وان للقيادة الايرانية دينا في رقبة قيادات القاعدة ، وعائلة ابن لادن الكبرى خاصة ، بعد الفرار من افغانستان ،والتضييق عليها لاحقا ، وفقا لما كشفته الوثائق التي تمت مصادرتها من مكان اقامة ابن لادن قبل تصفيته ،وكيف ستدير القاعدة معاركها في سوريا ،ومن حلفاؤها ، هل هم انفسهم حلفاء داعش؟