موجز المركز :
يستعرض التقرير ادناه الذي ترجمه مركز شُرُفات بالتعاون مع الدكتور / سامي أبوداوود سيل الخسائر البشرية للعمليات الارهابية التي أعلن عن تنفيذها تنظيم داعش في مختلف دول العالم . والتقرير الذي نشرته صحيفة نیویورك تایمز26 یولیو 2016 بالتعاون بين فريق عالمي من الصحفين يحتوي ايضا على صور لكافة الضحايا ورسوم توضيحية ، سننشرها لاحقا . ونحن هنا ننشره للفائده العامة للمهتمين وليس لفائدة تجاريه .
التقـــريـــــــــــــــر:
إن وتیرة ونطاق القتل یصیبان بالدوار. نحو 300 من أفراد أسر تم تمزیقھم بقصف أثناء احتفالھم بنھایة شھر رمضان
في بغداد. وقتل تسعة وأربعون شخصا في مطار إسطنبول، و 40 آخرون في أفغانستان، تسعة إیطالیون وسبعة یابانیون
وثلاثة طلبة في جامعات أمریكیة وسیدة بنغلادیشیة تم قتلھم بوحشیة في الحي الدبلوماسي في دكا، بنغلادیش. وتراكمت
الجثث على متن حافلة في الصومال، في مسجد وفي نادي لألعاب الفیدیو في الكامیرون وفي مزار في المملكة العربیة
السعودية.
جمیع ھذه المذابح في أسبوع واحد – أسبوع واحد في صیف یبدو وكأنھ تیار لا نھائي من الھجمات الإرھابیة. أورلاندو
وبیروت، باریس ونیس، سانت اتیان دو روفاري في فرنسا، في ألمانیا والیابان ومصر. أحدثت قنبلة أو رصاصة ثقوبا في
المنازل والمجتمعات.
أوقفنا الساعة على إسبوعین في شھر مارس عندما تصدرت ھجمات ضخمة العناوین الرئیسیة وحیث أصبحت الھجمات
في أماكن أمرا روتینیا تقریبا. في تلك الفترة أحصینا 247 بین رجل وأمرأة وأطفال ممن قتلوا على ید المتطرفین الإسلامیین
في عملیات قتل جماعي نفذت في أھداف سھلة في ستة بلدان.
ذبح ثمانیة أزواج مع بعضھم البعض، على النحو الذي یتشاركھ الآزواج عادة.
محمد وشونا دافید، تزوجا قبل ثلاثة أشھر وذھبا لنزھة یوم الأحد في إحدى حدائق باكستان.
ستیفاني وجوستین شلتس ،المحاسبین اللذان التقیا في جامعة فاندربیلت، وكانا یقطنان بروكسل، ذھبا لإیصال والدتھا
إلى المطار فقط.
زینب باساك جلوسوي ونسرتین كان كالكینسن – طالبا القانون البالغان من العمر 19 عاما، كانا في طریقھما إلى المنزل بعد
مشاھدة فیلم تركي بعنوان ” جرح أمي” والذي یدور حول مرحلة ما بعد الحرب.
التقى الزوجان في المدرسة الثانویة ” لن أتركك بمفردك أبدا” ھذا ما كتبتھ على كراستھ السنویة ” أنا دائما بجانبك وسأبقى
معك” وھما الآن مدفونان بجانب بعضھما.
كانا اثنین من بین 36 ممن قتلوا في ساحة عامة في العاصمة التركیة أنقرة، یوم 13 مارس، وكان ذلك الیوم ھو بدایة
الإسبوعین، الیوم الذي سقط فیھ 19 آخرون في ھجمات على فنادق على شاطئ البحر في غراند باسام،في ساحل العاج.
وبحلول یوم 27 مارس ھاجم متطرفون ینتمون إلى تنظیم القاعدة، بوكو حرام، والدولة الإسلامیة وطالبان مسجدا في نیجیریا
وشارعا مكتظا بالسیاح في إسطنبول وملعبا لكرة القدم في العراق وحافلة في بیشاور، باكستان وحدیقة في لاھور، باكستان
حیث كان عائلة نافید تتنزه یوم الأحد ذاك ومطار بروكسل ومحطة مترو.
الھجمات
جراند باسام
13 مارس
عدنا إلى كل ھذه الأماكن لتتبع كل فرد، لنكشف عن الإنسانیة المفقودة ولمعالجة مخاوف القارئ بأنھ لا یتم التعامل مع
جمیع ضحایا الارھاب على حد سواء. الحیاة ھي الحیاة، أینما ومتى تم إنھاؤھا مبكرا.
أردنا أن نرى ما ھي الصلات أو ماھو الممیز الذي قد نعثر علیھ بین الضحایا ، ولكن أیضا لتعمیق فھم الآثار الناتجة من
الإرھاب الذي أتى لیحدد أیامنا. أحصینا 1168 من الأقارب الناجین: 211 الأشخاص الذین فقدوا أحد الوالدین، 78 بدون
أحد الزوجین.
أكثر من 100 ضحیة من الشباب وكبار السن ممن تركوا خلفھم أبوین یتحدثون بلغة حداد تترجم لتنتقل عبر الحدود.
یقول میشیل فیسارت ، الذي فقد ابنھ في الإنفجار الذي وقع في محطة المترو في بروكسل: ” ھذا ھو الألم، كما أعتقد، لا
نستطیع وصفه”
” كان ابني مثل شمعة في المنزل” یقول خلیل كاظم، وھو أب في العراق والذي كان انتقل مع عائلتھ من بغداد إلى الجنوب
الأكثر أمنا نسبیا، إلا أن الأرھاب قد طال ابنھ، أحمد، ھناك. ” أخُمدت الشمعة، ورحلت سعادة العائلة”.
سیفینك جوكاي، الموظف الحكومي المتقاعد والبالغ 84 عاما وقتل في أنقرة، كان أكبر الضحایا عمرا. أما أصغرھم فلم
یولد بعد: قتلت امرأتین حوامل مع أطفالھم الذین یحملون. أما السیدة الثالثة سونغول بیكتاس فقد نجت وإنما فقدت حملھا في
شھره الثالث.
وقال زوجھا بأنھما علما لاحقا بأن الجنین كان أنثى، وبأنھما كانا سیطلقان علیھا اسم “إلیف” اسم تركي یعني النحیلة وطویلة
القامة.
كان ھناك 17 ضحیة ممن یبلغون من العمر 10 سنوات أو أقل و 27 آخرون تراوحت أعمارھم بین 11 إلى 17 عام.
أحمد عاصم أبوالخضر، 10 أعوام، كان من بین الأولاد الذین تم تفجیرھم في ھجوم انتحاري بعد مباراة في ملعب كرة
قدم في العراق. وقالت والدتھ إبتھال بأن إبنھا كان مشجعا مخلصا لنادي برشلونھ وبأنھ نادرا ما كان یرتدي ثیابا لا تحمل
ألوان الفریق، مات وھو یرتدي قمیص برشلونھ وقالت :” إنھ أعز ما لدیھ”.
ضحایا تحت عمر الثامنة عشرة
كان ھناك یھود ومسیحیون وملحدون وواحد ھندوسي على الأقل ولكن 151 من الضحایا – 61 في المائة-
كانوا مسلمین تماما كقتلتھم.
أعلنت جماعة منشقة عن طالبان عن استھداف مسیحیین في حدیقة في لاھور، ولكن معظم من قتلوا كانوا
مسلمین أیضا – مثل زبیدة أمجد ذات الأربعون عاما والتي كانت تحفظ القرآن عن ظھر قلب وكانت تعلم
ابنتھا ذات الإثنتي عشر ربیعا مؤمنة أمجد تلاوة القرآن. قتلت الفتاة أیضا.
وفي بروكسل ، كان من بین ضحایا مترو الأنفاق لبنى لافقیري، 34 عاما، ومعلمة الریاضة والأم لثلاثة أطفال
من مولینبیك وھي نفسھا المنطقة التي كان یقطنھا صالح عبدالسلام، أحد المشتبھ بھم في ھجمات باریس.
” مولینبیك لا تضم أمثال صالح عبدالسلام فقط” ھذا ما قالھ محمد البشیري زوج السیدة لبنى ” مولینبیك تضم
أمثال لبنى لافقیري أیضا”.
كان من بین الضحایا أمریكیون وصینیون ومن الكونغو وفرنسیون وألمان وإسرائیلیون ومقدونیون وبولندیون –
26 جنسیة بالمجمل. ومات غالبیتھم على بعد أقل من 10 أمتار من منازلھم.
ولكن رجل المبیعات الطبیة الصیني دینغ جینغ تشیوان مات على بعد أكثر من 7,000 میل من منزلھ، في مطار
بروكسل عند تعرضھ للجھوم. وكان قد عبر لأصدقائھ في رسائل لھم خلال أسفاره عن حنینھ إلى وطنھ.
ضحایا ھذین الإسبوعین ھم موسیقیون وعلماء ومعلمون ونادلون وضباط شرطة وربات بیوت ومزارعون وطلبة.
عباسي واتارا موسى وجیرفیھ كوادیو إن نغیسان وحامد دایموندي عملوا في القوات الخاصة في ساحل الحاج.
كانت فابیان فانستینكست تعمل على شباك تسجیل الدخول في مطار بروكسل، وقتل ابراھام غولدمان ،أمریكي –
إسرائیلي- خلال إجازتھ في اسطنبول، وكان یملك مصنعا للنسیج وكان یعمل مرشدا سیاحیا بعد تقاعده.
كان زینامي مصطفى یقطع الحطب وتبیعھ في أوماراري، نیجیریا. ومواطنھ بامینا عثمان كان یبیع ویشتري
الدجاج في حین كان جیده محمد والذي قتل معھما یعمل حدادا.
وكان ھناك أولئك الذین امتلآت حیواتھم الطویلة بالإنجازات كأندریھ آدم، السفیر البلجیكي السابق لدى الأمم
المتحدة، والذي شھد خلال حیاتھ الدبلوماسیة آثار العنف السیاسي في الجزائر والكونغو.
ذكر أقربائھ بأن آخر تصرف كان للسید آدم كان حمایة زوجتھ دانییل من الإنفجار الذي وقع في مطار بروكسل.
والتي أصیبت بجروح خطیرة ولكنھا نجت.
وكان ھناك أولئك التي كانت حیاتھم قصیرة وملیئة بالصعوبات، مثل عثمان سنغاري ابن السادسة عشر ربیعا
والذي ولد أبكما ولدیھ صعوبات في السمع في ساحل العاج. تخلى عنھ والداه وانتقلوا إلى مالي، وفقا لما قالھ
موظف عامل في الخدمة الإجتماعیة، كان عثمان ینام في محطة القطار ولكنھ كان یحب الذھاب إلى شاطئ جراند
باسام في نھایة الإسبوع للتسول – وللسباحة. ھناك حیث تمكن منھ الإرھابیون.
وقتل حوالي نصف الضحایا ال 247 في الأسبوعین إلى جانب شخص یعرفونھ. وكان جان إدوارد شاربنتییھ،
78 عاما، حارس الغابات المتقاعد من فرنسا، انتھى لتوه من ركوب الدراجة في غراند باسام مع صدیقھ جان
بیار ارنو ( 75 عاما) وھو بائع وعازف للجیتار. في ملعب كرة القدم، وأما في ملعب كرة القدم فقد ذھب معظم
الضحایا لمشاھدة المباراة مع الأصدقاء والأخوة وأبناء العمومة.
ضحایا كانوا یعرفون بعضھم البعض
تربط الخطوط بین أفراد الأسرة والأصدقاء والمعارف
وھلكت عائلات في نیجیریا، حیث قتلت أم مع ولدھا وابنتیھا، وقتلت أمرأة أخرى مع زوجھا وابنھا ووالدتھا وابنت اختھا وابن
اخیھا. وفي حدیقة لاھور قتل 10 أقرباء بمن فیھم فایز أحمد تشاندو، كاتب في دائرة الھجرة والذي كان یحب طھي الأرز مع مرق الدجاج وثلاثة من أصل ستة من أطفالھم: شیراز – 6 أعوام، سامینا 5 أعوام، وصدف – 5 أشھر.
وھم مجموعة واحدة من أصل 9 مجموعات من الأشقاء الذین قتلوا.
في بروكسل وأنقرة واسطنبول، وانھت الھجمات أرواح أناس قد عاشوا في أمن نسبي. في نیجیریا والعراق
وباكستان، حیث یكمن الإرھاب والعنف في كل زاویة، وجدت بعض العائلات نفسھا في مواقف حداد مألوفة.
أحمد إبراھیم، واحد من العدید من ضحایا ملعب كرة القدم العراقي من بین الجنود الذین یقاتلون ضد الدولة الإسلامیة، توفي بعد 13 عاما من مقتل شقیقھ على ید القوات الأمریكیة في العام 2003
الشقیقان صباح ومحمد دریاب دفنا في المدینة الشیعیة المقدسة النجف – إلى جانب والدھما الذي قتل على ید
القاعدة قبل خمس سنوات.
ثلاثة على الأقل من القتلى في المسجد في نیجیریا كانوا قد فروا من أجزاء من بلادھم حیث احتدمت أعمال التمرد،
بوكیر عمر، سیاسي طموح، غادر قریتھ بعد أن حرق مقاتلوا بوكو حرام منزلھ.
محمد ھاوا، 70 عاما استقر في أوماراري، بعد أن عثر على أرض خصبة لزراعتھا وبدء یشعر بقدر من الأمن.
مزارع آخر، بونو مودو، تمكن من الھرب بعد أن قیده المتشددون في محاولة لقتلھ – كان یدیر مدرسة إسلامیة
صغیرة أسفل شجرة مع 10 تلامیذ .
الناجون من الأقارب والأصدقاء یستذكرون آخر اللحظات مع ذویھم ویمجدونھم لمعاني آعمق.
أم في العراق، استحم ابنھا البالغ من العمر 11 عاما وألبستھ ملابس نظیفة وأرسلتھ لمباراة كرة قدم، لم تكن تشعر
بشكل جید حیال ذلك وكم تمنت لو أنھ لم یذھب.
أصدقاء وعائلة شاب من الملیشیا ممن قتل في ذات الھجوم قالوا أنھ قبل التوجھ إلى الملعب، حضر إلیھم لیطلب
الصفح عن آثامھ. الآن یتساءلون إن كان لدیھ ھاجس.
في نیجیریا، یتذكر محمد علي آخر مرة شاھد فیھا والده ، علي كولو، قبل ثلاثة أیام من مقتلھ أثناء صلاة الصبح
في مسجد أوماراري. لقد مضت ستة أشھر على وفاة زوجة السید علي، وأخبر والده: ” أرغب في الزواج مرة
أخرى”.
تظھر اللقطات التي تم جمعھا لحظات من شأنھا أن تشكل حیاة، عروس في ثوب زفافھا، تجلس على الأرض
لتناول وجبة خفیفة. جندي یبدو أنیقا في زیھ العسكري. خریجون في ثوب التخرج في یومھم الممیز.
رجل على صھوة حصانھ، وأخر یعزف الجیتار وثالث یمشي وحیدا في طریق ریفي تحیط بھ الزھور البریة.
وأخرون یقرآون كتابا أو یحتسون مشروبا، یحتلفون بمناسبة مھمة أو یستمتعون بوجبة عائلیة تقلیدیة.
جمیعھم قتلوا في لحظات كان یمكن أن تكون المجموعة التالیة من اللقطات.
بانتظار الحافلة أو القطار أو الطائرة، مسترخون على الشاطئ أو مصطفون لنیل الجوائز بعد مباراة لكرة القدم، یصلون أو
یركبون الدراجات، أو أنھم یتنزھون في الحدیقة یوم الأحد.
ما یظھر ھنا، نسیج لحیاة توقفت، تباعدت بشكل تدریجي عن تلك الصور، في شظایا لقصص أو أجزاء من ذاكرة یتشاركھا
أولئك الذین نجوا، تركوا ورائھم أحلامھم والأشیاء التي لم ینتھوا من القیام بھا.
المصدر :
مقالة مترجمة عن نیویورك تایمز26 یولیو 2016 . ترجمة خاصة بالمركز بالتعاون مع الدكتور / سامي ابو داوود