يرى ( عبد الحميد الأنصاري، 2006) أن نهج التطرف والتعصب الديني راسخ ومتأصل في الموروث الاجتماعي والفقهي في الدين الإسلامي منذ عصر الملل والنحل، حين تمسك كل فريق بحديث متهافت مؤداه أن اليهود افترقوا إلى (71) فرقة، والنصارى افترقوا إلى (72) فرقة، أما أمة محمد (ﷺ) فتفترق إلى (73) فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي “الفرقة الناجية”، وغيرها في النار، وعلامة الفرقة الناجية والطائفة المنصورة عند شيوخها من السلفية أمثال ابن باز، والألباني، والعثيميين واللحيدان، وعبد العزيز السلمان، وصالح الفوزان، أن تكون على ما كان عليه الرسول وأصحابه – (أهل السنة والجماعة) وأهل السنة لا اسم لهم إلا اسم واحد هو “أصحاب الحديث”([1]) ، ومن اتبعهم فهو الناجي ومن خالفهم من الخوارج والمبتدعة والإخوان المسلمين والصوفية وكل من تدعوهم بأصحاب البدع والمناهج الضالة والفتاوى المنحرفة أمثال: حسن الترابي ويوسف القرضاوي وسعيد حوى ومحمد الغزالي والتكفيريين، فحسبهم جهنم وبئس المصير، أما تكفير الحكام والمحكومين من وجهة نظرها فهي فتنة قديمة تبنتها فرق الخوارج بسبب ضحالة علمهم وقلة التّفقه في الدين والقواعد الشرعية([2]).
ثم زاد الأمر سوءاً وتعقيداً، من خلال ترسيخ هذا النهج الإقصائي عن طريق تدريس ودراسة موضوع الفرق الإسلامية من منطلق مذهبي- دفاعي، يتم فيه دائماً الانتصار لمذهب ضد آخر، بالقفز على منهج القران بالدعوة إلى التعددية والاختلاف، باعتباره رحمة من الله كمنتج نهائي، لذلك كله لم تفلح كافة الدعوات وندوات الحوار والتسامح في طول بلاد المسلمين وعرضها على تفكيكه وتجاوزه.
ويطرح (الأنصاري) مقاربة مكثفة لمواجهة هذا الفكر المتطرف وكسب المستقبل على عدد من الأسس، هي:
- الدعوة إلى تفاهم مشترك بين أبناء المجتمع الواحد، و الأمة الواحدة، والابتعاد عن التشكيك في عقائد المخالفين مذهباً أو طائفةً أو دينا.
- الدعوة إلى منهج بديل يبتعد عن فكر الإقصاء والتكفير والتشكيك بالعقائد للمخالفين.
- الدعوة إلى حوار ذاتي بين أبناء المجتمع الواحد لنشر ثقافة الحوار واحترام الآخر، وتربية الشباب على الشورى والحوار.
- الدعوة إلى غرس قيم التسامح ومبادئ الإسلام الجامعة للمسلمين.
- الدعوة إلى بناء خطاب ديني أكثر استنارة وخطاب إعلامي اكثر انفتاحاً، وثقافي أكثر تسامحاً وخطاب تعليمي أكثر قبولاً للآخرين، وأكثر ديمقراطية([3]).
([1] ) زينو، جميل بن محمد ، ص7.
([2] ) الحسين، عبد الله بن محمد ، (1995)، ص 23-59.
([3] ) الأنصاري ،عبد الحميد ، (2006)، ص11.