تنفرد مؤسسة (كارني:A.T.KEARNY) ([1]) المتخصصة في قياس مؤشرات العولمة بقيامها ببناء آلية خاصة تهدف إلى قياس درجات العولمة بأبعادها المختلفة: الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، والثقافية، والتكنولوجية من خلال تقسيم هذه المؤشرات إلى أربع مجموعات رئيسة مع اثني عشر مؤشراً فرعياً بحيث يقابل كل مؤشر رئيس ثلاثة من المؤشرات الفرعية، وتقسم المؤشرات الأربعة الرئيسة إلى:
- مؤشرات التكامل الاقتصاديّ والماليّ.
- مؤشرات الارتباط التكنولوجيّ.
- مؤشر الارتباط الشخصيّ.
- مؤشر الارتباط السياسيّ.
وفيما يلي عرض مختصر لهذه المؤشرات، ودلالاتها المنهجية مع ما تندمج به من أبعاد للعولمة ([2]):
أولا: مؤشرات التكامل الاقتصاديّ والماليّ
تهدف هذه المجموعة من المؤشرات إلى معرفة دور الاستثمارات الأجنبية والتجارة الدولية، وحجم التدفقات المالية العالمية في التكامل والاعتماد المتبادل بين الدول في إطار الاقتصاد العالميّ، وهنا نشير إلى أن هذا المؤشر يجسّد البعد الاقتصاديّ للعولمة، وهناك مؤشران فرعيان لهذا المؤشر الرئيس، هي:
أ. الاستثمارات الأجنبية المباشرة باعتبارها نسبة من الناتج المحليّ الإجماليّ.
ب. مؤشرات التجارة باعتبارها نسبة مئوية من الناتج المحليّ الإجماليّ.
ثانياً: مؤشرات الارتباط التكنولوجيّ
ويهدف هذا المؤشّر مع مؤشراته الفرعية الثلاثة إلى تلمس دور البعد التكنولوجيّ للعولمة في عملية ربط الدول والأفراد بالمجتمع العالميّ، وذلك من خلال مؤشرات فرعية ثلاثة، هي:
1- مؤشرات نسبة مستخدمي الإنترنت إلى عدد السكان، ويتم قياسه من خلال قسمة عدد مستخدمي الإنترنت على عدد السكان.
2- مؤشرات عدد الشبكات التي تربط المشتركين بالإنترنت، ويقاس بنسبة مئوية لكلّ مليون مواطن من عدد السكان.
3- مؤشرات عدد مزوّدي خدمة الإنترنت الآمنة، ويقاس بنسبة مئوية لكلّ مليون مواطن من العدد الكليّ للسكان.
ثالثاً: مؤشرات الارتباط الفرديّ
تهدف هذه المؤشرات إلى اكتشاف البعد الاجتماعيّ والثقافيّ والحضاريّ للعولمة مع ما يرتبط به باعتماد متبادل من أبعاد سياسية واقتصادية، ويتبين ذلك من خلال محتوى هذه المؤشرات، وهي:
أ- مؤشر عدد السياح الكليّ للقادمين والمغادرين، وقسمته على عدد السكان الإجماليّ بهدف معرفة حجم الأموال التي ينفقها الأفراد خارج بلدانهم على قطاع السياحة والسفر.
ب- مؤشر عدد دقائق المكالمات الدولية الصافي لكلّ فرد، وتتمّ عملية القياس بجمع عدد المكالمات الدولية الصادرة والواردة محسوبة بملايين الدقائق، ثم قسمتها على عدد السكان.
ج- مؤشر نسبة حوالات العاملين في الخارج إلى الناتج المحليّ الإجماليّ، وذلك بقياس مجموع الحوالات المالية للعاملين في الخارج وفائض الأرباح من الاستثمارات المحلية في الخارج، ومقدار التعويضات المالية للعاملين من غير المقيمين إلى بلدانهم، وهذا المؤشر من المؤشرات المهمة- حسب رأي الباحث – لأنه يكسر تلك النظرة المتحيزة للعولمة، وحصرها بالبعد والمؤشرات الاقتصادية.
رابعاً: مؤشرات الارتباط السياسيّ
تهدف هذه المؤشرات إلى معرفة مدى انفتاح الدولة على العالم الخارجيّ من ناحية سياسية، ومدى الموافقة الدولية على سلوك الدولة في المنظمات الدولية، وذلك من خلال المؤشرات التالية:
1- مؤشرات عدد الاتفاقيات الدولية المصادق عليها.
2- مؤشر عضوية الدولة في المنظمات الدولية، ويتمّ معاملته بأرقام مطلقة أثناء المقارنات بين الدول؛ بمعنى أنه يتم حسابها رقماً غير خاضع للتعديل.
3- مؤشر حجم المشاركة في مهمات حفظ السلام التابعة لمجلس الأمن الدوليّ، مقارنة بعدد المهمات الفعلية التي تدخلت بها الأمم المتحدة.
4- مؤشر الحوالات، ويقاس بمقدار المقبوضات والمدفوعات من الحوالات الحكومية للدولة مقسوماً على قيمة الناتج المحليّ الإجماليّ.
ثانياً: أوزان مؤشرات العولمة ومنهجية قياسها عند مؤسسة(كارني)
تتميز أوزان مؤشرات العولمة المعتمدة من مؤسسة(كارني) بأنها أوزان نسبية غير متساوية، وذلك لأسباب تعود إلى درجة أهمية كل بعد ومؤشر في التعبير عن مفهوم العولمة، وكلّ ذلك يتم تقديره اعتماداً على اعتبارات نظرية([3]) تخصّ مؤسسة (كارني) ولتوضيح ذلك قمنا بالاستعانة بالجدول رقم (3) الذي يبين أوزان هذه المؤشرات الأربعة الرئيسة، والمؤشرات الاثنا عشر الفرعيه التابعة لها. ([4])
الجدول رقم (3)
أوزان مؤشرات العولمة لدى مؤسسة كارني
وزن المؤشر الرئيس | وزن المؤشر الفرعي | المؤشرات الفرعية | المؤشرات الرئيسة |
5 | 3 | مؤشرات الاستثمار الأجنبي المباشر | مؤشرات التكامل الاقتصاديّ |
2 | مؤشرات التجارة الخارجية | ||
3 | 1 | مؤشرات السياح والمسافرين | مؤشرات الارتباط الفرديّ |
1 | مؤشر عدد المكالمات الدولية | ||
1 | مؤشر الحولات المالية الشخصية | ||
1 | ⅓ | مؤشر عدد مستخدمي الإنترنت | مؤشرات الارتباط التكنولوجيّ |
⅓ | مؤشر عدد شبكات ربط المشتركين | ||
⅓ | مؤشر عدد مزودي خادمات الإنترنت | ||
1 | 1/4 | مؤشر عضوية الدولة في المنظمات الدولية | مؤشرات الارتباط السياسيّ([5]) |
1/4 | مؤشر مصادقة الدولة على المعاهدات الدولية. | ||
1/4 | مؤشر الحوالات الحكومية. | ||
1/4 | مؤشر مساهمة الدولة في مهمات حفظ السلام. |
المصدر: Caselli, Marco, “On The Nature Of Globalization And Its Magsurement Some notes”, On The A.T.Kearney Forgn Policy Magazine Globalzetion Index And The GSGR globalization, United Nation Unvirsity 2006, Www.Unu.Edu/Admin/Documents, 2006-3p.C
ولقياس المؤشرات أعلاه تستخدم مؤسسة ” كارني” أسلوباً إحصائياً يدعى المعايرة الجماعية (Panel Normalization) ([6])، إذ يتمّ قياس المؤشرات الفرعية للعولمة في كل دولة، وبعد الحصول على البيانات الخاصة بكلّ مؤشر في الدولة المعنية، تجري عملية ” معايرتها” بمقياس عام يتدرج من (صفر – 1)، ويتم تحديد القيمة الدنيا، والقيمة العليا، ومدى تحقيقها للمؤشر الفرعيّ عبر السنوات في العينة الخاصة بتلك الدول، بحيث يعطي القيمة العليا رقم (1)، والقيمة الدنيا (صفر)، وبناءً على ذلك تكون النتيجة أنّ الدول الأخرى كافة (في عينة كارني) تحصل على قيم عشرية محصورة بين (صفر -1)، ويتم حساب ذلك وفق ” معادلة المعايرة المعبر عنها كما يلي:
قيمة المعايرة الجماعية للمؤشر الفرعيّ في الدولة =
قيمة المؤشر الفرعيّ للدولة – القيمة الدنيا في المؤشر
القيمة العليا في المؤشر – القيمة الدنيا في المؤشر
ثم يجري ضرب القيم المعايرة للدولة في كل مؤشر فرعيّ بعامل قياس (Scale Factor) يعطى للسنة الأساسية (Base Year)، ولتسهيل العملية أعطتها مؤسسة كارني لعام (1998)*، في دراستنا (2006) كبداية للدراسة وأعطتها (100) كقيمة([7]). وتكون قيمته لكل سنة لاحقة هي النسبه المئوية للنموّ والانخفاض في القيمة المعايرة مقارنة بعامل القياس، وذلك بحجة جعل عملية المقارنه بين المتغيرات الفردية ممكنة عبر الزمن، ثم يتمّ ضرب القيمة الناتجة للدولة في كل مؤشر فرعيّ بوزنه النسبيّ.
أما مؤشر العولمة الكليّ لكلّ دولة ولكلّ سنة فتحسب من خلال جمع القيم لكلّ المؤشرات الفرعية لكل دولة، وترتب الدول بناء على النتائج، وهكذا تتم العملية كلّ عام رغم بعض الانتقادات الموجهة لهذه المنهجية التي يرى بعض الباحثين أنها تفقد الدقة والوضوح، وتوصف أحياناً بالاعتباطية (Arbitrary) ([8]).
ورغم ذلك تبقى حقيقة مهمة وهي أن مؤسسة ” كارني” بالتعاون مع مجلة السياسة الخارجية (FP) تملك إمكانات بحثية واسعة وهائلة، تشمل (62) دولة في العالم، تمثل 85% من نسبة سكان العالم، و96% من الناتج المحليّ الإجماليّ العالميّ (GDP)، وهذا كله تحصيل للمؤسسة التي تعدّ من المؤسسات الاستشارية الكبرى في العالم، والتي لها وجود في أكثر من (55) مدينة، وتقدم استشارات على مستوى العالم للمؤسسات والأفراد والحكومات في مختلف المجالات الاقتصادية، والسياسية، والتكنولوجية([9])، كذلك فهي المؤسسة الأولى ـ وقد تكون الوحيدة ـ التي تقدم دراسات كمية عن العولمة، وسيرورتها وتأثيراتها المختلفة([10]).
ومن ناحية أخرى فإن المعلومات الخام والأولية التي تعتمدها المؤسسة لعينة الدول التي تعتمدها والمكوّنة من (62) دولة تغطي جميع الأقاليم الرئيسة في العالم، من دول متقدمة إلى نامية؛ لإعطاء صورة شاملة ونظرة مقارنة للتكامل العالميّ؛ استناداً إلى إحصائيات لمؤسسات عالمية مشهورة مثل: البنك الدوليّ، صندوق النقد الدوليّ، الأمم المتحدة، الاتحاد العالميّ للاتصالات، والأونكتاد([11]).
[1]. A.T.Kearney & Foreign Policy Magazine, “Globalization Index, Mesuring Golbal: The Global Top 20”,.2004, P58, Www.Atkerrney.Com
[2].Ibid,PP.55-60
[3].ردايدة، محمود، رمزي، ” أثر العولمة على الفساد السياسيّ والاقتصاديّ رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآداب، قسم العلوم السياسية، جامعة اليرموك، إربد، 2006، ص18.
[4] . المرجع نفسه.
[5]. A. T. Kearary Globalization Index Data, 2006, PP. 1-3, Http://Www.Atkearuey.Com/Main.Taf?P=5,4,1, 127, 1… 08/02/2007.
* أعطت كارني سنة 1998 سنةً أساساً لمؤشرات العولمة لعام 2006.
[6]. A. T. Kearary Globalization Index Data, 2006, PP. 1-3, Http://Www.Atkearuey.Com/Main.Taf?P=5,4,1, 127, 1… 08/02/2007.
[7]. Ibid, 2006, P.2
[8]. Caselli, Marco, “On The Nature Of Globalization And Its Measurement” op cit., PP. 7-8.
[9]. Carnegie Endowinent For International Peace ;2005 A.T.Kearneg/Foreign April Policy Nagazine Globalization Index; Jmarn@Carnegie Endowment .Org,April 26 .2005 ,P.3
[10]. A. T. Kearney, Http://Www.Atkearney.Com/ Shared-Res/Pdf/Globalization-Index-Fp1-No- Dec-06-S.Pdf., P.53
[11]. A.T.Kearurey, 2005globlization Index Data And Methodlogy, Http://Www.Atkearney.Com /Main.Taf?P=5,4,1, 116,1.