د. أحمد القيسي
خاص بمركز شُرُفات لدراسات العولمة والارهاب –عمان
إدارة ترامب تسعى لتغيير استراتيجيتها العسكرية في أفغانستان وعلى الأرجح ستكون مهام القوات الأمريكية هناك شبيهة بالدور الذي لعبته بمعركة تحرير الموصل بعد إثبات نجاح تجربتها بالاعتماد على القوات الحكومية وتقويتها ودعمها جواً واستخبارياً لتكون أكثر فعالية على الأرض.
القوات الأمريكية سيقل دورها المباشر في المعارك وستتمركز داخل القواعد العسكرية لتفادي هجمات داعش وطالبان التي قد تحركها روسيا وإيران لإرهاق أمريكا حيث:-
- قائد القيادة المركزية للقوات المسلحة الأمريكية الجنرال جوزيف فوتيل: ننوي نشر قوات إضافية بأفغانستان ضمن استراتيجيتنا الجديدة لتحقيق مهمتها هناك (5000 جندي إضافي).
- وزارة الدفاع الأمريكية: الجيش الأمريكي يستخدم ولأول مرة “أم القنابل”، أكبر سلاح تدميري غير نووي لدى أمريكا، على موقع لداعش بولاية ننغرهار شرقي افغانستان.
- جنرالات أمريكا أكدوا أنهم لا يملكون حالياً الأدوات اللازمة لمواجهة طالبان.
- الجيش الأمريكي أصبح غير مرحب به بين الأفغانيين، ما خدم بطريقة مباشرة طالبان وزاد قوتها.
على الأرجح أن ازدياد الانخراط الروسي والإيراني في الداخل الأفغاني وتواصلهم مع طالبان هو سبب التغيير في الإستراتيجية الأمريكية التي قد تشمل ضغوطات وحوافز قد تتبعها أمريكا تجاه باكستان لدفعها للمساعدة على إشراك طالبان في الحوار السياسي مع الحكومة الأفغانية للتوصل إلى سلام وتهميش دور روسيا وإيران حيث:-
- استجابة البنتاغون للمطالبة الباكستانية بوقف أو تقليص عمليات الطائرات بدون طيّار مؤشر قوي لحسن الثقة بين باكستان وإدارة ترامب.
- أمريكا أرسلت لباكستان معدات عسكرية كانت تستعملها في أفغانستان.
إعادة ترميم العلاقة بين باكستان وأمريكا أصبح ضرورة ملحة وفق التطورات الجديدة حيث:-
- قرب تحرير الموصل والرقة واحتمال انتقال عناصر داعش إلى أفغانستان, الأمر الذي يتطلب احتواء طالبان المدعومة من باكستان.
- ابتعاد أمريكا عن باكستان قد يدفعها لمزيد من التقارب مع الصين وروسيا وإيران ودعم طالبان علناً.
من الجدير ذكره أننا قد أشرنا في العدد 53 بتاريخ 19/3/2017 أن موسكو تخطط لاتخاذ خطوات إضافية لدعم المصالحة الوطنية في أفغانستان ولتعزيز قدرات جيش كابل. ولاحتواء طالبان لغرض التركيز على عناصر داعش والقاعدة المتواجدين على الحدود بين أفغانستان وروسيا حيث تخشى روسيا أن تستغل المخابرات الأمريكية ذلك لتحريكهم إلى الداخل الروسي, ولمنع توسع الدور الأمريكي نتيجة تنامي خطر طالبان وداعش.
أشرنا أيضاً في العدد 42 بتاريخ 2/1/2017 أن طهران وموسكو تعملان على إحداث تعاون مع طالبان على حساب مصالح الهند وباكستان، حيث أن تعميق روسيا وإيران لروابطهما مع طالبان يشعل مخاوف من تجدد لعبة الحرب بالوكالة في أفغانستان، وهو ما من شأنه تقويض قدرات القوات التي تدعمها أمريكا, الأمر الذي سيشكل أكبر تهديد لإطالة أمد النزاع الأفغاني.
أشرنا في العدد 24 بتاريخ 22/8/2016 أن عودة القاعدة وظهور داعش وفشل محادثات السلام أمور تجبر الإدارة الأمريكية على تعديل خطط الانسحاب من أفغانستان، وأن الإدارة الأمريكية الحالية قامت بخطوات من شأنها أن تجعل الحرب الأفغانية إرثاً للرئيس الأمريكي المقبل, حيث أن تهديد طالبان المستمر للاستقرار السياسي، إلى جانب تهديد داعش، يجعل من شبه المستحيل بالنسبة لواشنطن أن تخرج نفسها من أفغانستان في وقت قريب، لأن رحيل الولايات المتحدة من أفغانستان سيفسح المجال لدول مثل روسيا والصين للدخول إلى تلك المنطقة.
– الدكتور أحمد القيسي مدير عام المركز الدولي لتقييم المخاطر – أبوظبي، وباحث زائر في معهد السياسات العالمية GPI ، والمعهد الدولي للقضايا الدولية (Chatham House) في لندن.
