بقلم : الكاتب والمحلل السياسي / حسين خلف موسى
باحث في المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية / برلين-المانيا
خاص – مركز شُرُفات لدراسات وبحوث العولمة والارهاب .عمان -الأردن
عرف القانون الدولي التقليدي منذ زمن بعيد عددا من الوسائل والاساليب الخاصة بتسوية المنازعات الدولية سلميا كالتفاوض والمساعي الحميدة والوساطة والتوفيق .
ومع بروز المجمع الدولي والاحساس بان العالم في مجموعه قد بات يتشكل مجتمعا انسانيا تعين العمل على تنظيمه لصالح الجنس البشرى في مجموعه دون الاخلال بالتصور القانوني للدولة ولمبدأ السيادة .
حيث اعطى للمنظمات الدولية دورا في العمل على تسوية المنازعات الدولية بالوسائل السلمية خاصة التي تخل بالسلم والامن والعدل الدولي ومن هنا فقد جاء قانون التنظيم الدولي ليقدم مساهمته المتميزة في مجال سوية المنازعات الدولية
اولا : الوسائل السلمية في ظل عصبة الامم:
اشارت المادة (15) من ميثاق عصبة الامم الى الوسائل التقليدية لسوية المنازعات الدولية كالتحقيق والوساطة والتوفيق والملاحظ ان عصبة الامم قد اعمدت على عنصرين رئيسين هما
- عنصر الوقت ، حيث يؤدى اهدار الوقت الى تهدئة الخواطر الثائرة ويهيئ المجال لإمكان الوصل الى تسوية ، 2- الرأي العام الدولي
ومن هنا كانت عصبة الامم تدرج النزاع في جدول اعمال العصبة لفترة من الوقت ، وكان مجلس العصبة حريص على جعل الجلسات سرية حيث يعبر اطراف النزاع عن أراءهم بحرية وتعمل المجلس على احتواء الازمة بالأساليب الدبلوماسية .
وبالفعل نجحت عصبة الامم في تسوية العديد من النزاعات منها :
- النزاع السويدي الفنلندي عام 1923م حول جزر اولند
- النزاع البلغاري اليوناني عام 1926
واخيرا انهارت عصبة الامم في ظل سعى الدول الكبرى لتوسعات واستعمال القوة لتحقيقها
ثانيا : في ظل ميثاق الامم المتحدة :
تعتبر الامم المتحدة ذروة التطور في مجال التنظيم الدولي لذا كان طبيعيا ان ينطلق ميثاق الامم المتحدة في بداية بالغة الوضوح بتحريم استخدام القوة او التهديد بها والتأكيد على ضرورة تسوية المنازعات الدولية بالوسائل السلمية لكيلا يعرض السلم والامن الدولي للخطر
فقد جاءت الفقرة 3 من المادة رقم 2 ( يسوى اعضاء المنظمة منازعاتهم الدولية بالطرق السلمية ) كما افرد الميثاق الفصل السادس بأكمله لحل المنازعات الدولية بالوسائل والاساليب السلمية كما انطو نصوص الميثاق على فصيل لدور مجلس الامن والجمعية العامة في حل المنازعات الدولية
والواقع ان الامم المتحدة بذلت الكثير من الجهود في مجال العمل على تسوية المنازعات بالوسائل والاساليب السلمية
ثالثا : دور المنظمات الاقليمية :
افرد ميثاق الامم المتحدة فصلا خاصا للمنظمات الاقليمية وهو الفصل الثامن واشار في المادة رقم 52 ( ليس في هذا الميثاق ما يمنع او يحول دون قيام تنظيما او وكالات اقليمية علاج الامور المعلقة بحفظ السلم والامن الدولي مما يكون العمل الإقليمي صالحا لها )وهناك ايضا الفقرة 3 من المادة 22 ( اوجب على مجلس الامن ان يشجع على الاستكثار من الحل السلمى للمنازعات المحلية عن طريق المنظمات الاقليمية
بالنظر الى قوانين المنظمات الاقليمية نجد حرص شديد على تسوية المنازعات لسوائل السلمية
فنجد المادة 5 من ميثاق جامعة الدول العربية الذى جاء فيه ( لا يجوز الالتجاء الى القوة لفض المنازعات بين دوليتين او اكثر من دول الجامعة فاذا نش نزاع لا يتعلق بسيادة الدولة او استقلالها وجبت اللجوء الى مجلس الجامعة لحل النزاع )
وكذلك شجع ميثاق الاتحاد الأفريقي لذلك حيث اشار الى ان ضمن أهدافه تسوية المنازعات عن طريق الوساطة والتفاوض والتوفيق والتحكيم ولقد لع الاتحاد دورا بارزا في حل الكثير من النزاعات ين اعضائه
رابعا : اللجوء الى المنظمات الدولية الحكومية :
يمكن اللجوء الى المنظمات الدولية الحكومية بغرض تسوية المنازعات الدولية بالوسائل الدبلوماسية وهذا ما يتضح من وساطة البنك الدولي بشان مياه نهر الهندوس فتدخل البنك يعتبر وساطة من جانب منظمة دولية تشترك الدولتان في عضويته
فالمنظمات الدولية الحكومية ( العالمية ، الاقليمية ) تمتلك في حدود وظائفها المحددة في مواثيقها ان تعرض مساعيها الحميدة على الدول الاعضاء عرض حثها على الدخول في مفاوضات او يمكنها ان تنشئ اجهزة للتحقق غرض توضيح الحقائق والوقائع المنشئة للنزاع
ولا يشترط موافقة الدول الاعضاء على هذا التدخل على اساس انها وافقت عليه سلفا عند انضمامها الى المنظمة
واخيرا يمكننا القول :
- ان الوسائل الدبلوماسية لتسوية المنازعات باستثناء المفاوضات والمشاورات تودى الى تدخل في سيادة الدول اطراف النزاع وتختلف حدة هذا التدخل من حدة الادنى في المساعي الحميدة وبدرجة اشد في التحقيق وبدرجة اعلى في الوساطة والتوفيق
- ان الوسائل الدبلوماسية للتسوية السلمية قد تهدف الى منع النزاعات المسلحة وتدخل حينئذ في الدبلوماسية الوقائية وقد تسهم في تسوية المنازعات الدولية.
- ان اللجوء الى الوسائل السلمية لا يقود تلقائيا الى تسوية ترتكز على القانون الدولي حيث ان التسوية في النهاية رضائية.