بعد قرابة الأربع اشهر من المواجهة العالمية مع وباء كورونا، يخشى أن يتحول النصر العالمي على تداعيات الفيروس الى “نصر بيروسي”(Pyrrhic Victory ) أي نصر لكن؛ بكثيرٍ من الخسائر في الأرواح والممتلكات.
ما هو النصر البيروسي؟
تعود جذور مفهوم النصر البيروسي الى القائد العسكري الإغريقي بيروس الإبيري العام 280 قبل الميلاد، حين تجرأ أسطول القوة الرومانية الصاعدة على دخول ميناء إغريقي يدعى “بينيغنتوم”، تابع لإسباطه، ذات الشهرة الحربية الواسعة، فكان الرد بإغراق الأسطول، وقتل قائده ليكون عبرة.
ارتعبت روما مما جرى، وفي محاولة منها لاستدراك خطأها قدمت اعتذاراتها وطلبت الصفح، إلا أن مستعمرة “بينيغنتوم” الغنية أخذتها نشوة التدمير، ورفضت أي سبيل للحوار، ولأنها لا تملك جيشًا، فقد جندت قائدًا عسكريًا بارعًا، من سلالة الإسكندر المقدوني، يُدعى بيروس الإبيري الذي اعتبره القائد هنيبال اهم قائد عسكري بعد الإسكندر المقدوني .
وهكذا غزى القائد بيروس الإبيري الأراضي الإيطالية طامعًا بالسيطرة عليها، والتوسع نحو البحر المتوسط حيث تزيد فرصه بأن يكون الإمبراطور الجديد الذي ستتبع له المدن حول العالم. دخل بيروس معركته الأولى ضد الرومان في هيراقليا، قائدًا لـ 25 ألف مقاتل مزوّدين بسلاح الفيلة الفتاك ، الذي تعلموا استخدامه من حروبهم مع الهند. انهزم الرومان المذعورون من مواجهة الفيلة لأول مرة في حياتهم، ثم الحق بهم بيروس في العام التالي هزيمة جديدة في معركة أسكولوم الشهيرة. لم تكف الهزيمتان لإنهاء الرومان الذين كانوا مجرد دولة صغيرة ناشئة، وزاد الطين بلة الإحصاء الذي كشف عن مقتل 7500 مقاتل وعدد من خيرة ضباط وأصدقاء بيروس، ما سبب انهيار معنويات الجنود لديه وشعوره بالكآبة والإحباط .
لم يتمكن بيروس من سد النقص في قواته لأن الإغريق الأغنياء أخلفوا معه بتجهيز جيش رديف لمقاتليه، ، فاضطر بيروس إلى طلب الصلح، وكانت المفاجئة، الرومان الذين أذلهم انكسارهم لمرتين أمام الإغريق، يرفضون السلم ويصرون على الحرب. وهنا أدرك بيروس ورطته الكبيرة ، حيث نقل عنه المؤرخ اليوناني القديم بلوتارك في كتابة سير النبلاء الإغريق والرومان أو “حيوات موازية” عبارته الشهيرة بعد تهنئته بالنصر على الرومان في معركة أسكولوم “انتصار آخر على الرومان سيدمرنا كليًا” . ومن هنا جاء مفهوم النصر بكثيرٍ من الخسائر .