كفاءة الدول وجدوى منظومة العولمة ، فيروس كورونا قلق وتساؤل ، عالم ما بعد كورونا

خلف الخالدي -كاتب أردني –خاص بمركز شُرُفات.

كشفت ازمة كورونا فشل نظم صحية كانت تعد متطورة علميا وباتت عاجزة عن فعل اي شيىء الى حد انهيار بعض هذه الانظمة ، في الوقت الذي اختفى فيه دور منظمات صحية عالمية عن القيام بأدنى طرق التصدي للفيروس ، دول تركت مواطنيها يصارعون المرض واتبعت سياسة القطيع حتى انهارت نظمها الصحية وتدهور اقتصادها ، بينما دول اخرى لم يكن يحسب لها حساب كالأردن مثلاً التي ضربت نموذجاً عالمياً في احتواء الفيروس واتبعت خططاً وطرقاً حديثة عجزت عنها دول عظمى

لقد ساهمت هذه الازمة في فضح الخلل الطبي لدى العديد من الدول التي لم تحسب للتطور العلمي الرقمي اي حساب واكتفت في الانكفاء وراء التحجج بالعجز الدولي في انتاج حلول لهذا الوباء فيما كشف هذا الوباء مدى خمول الانظمة الطبية في العديد من الدول

ولكن لن يمر الوقت طويلاً وستتعافى هذه الدول من شدة الصدمة وستجد حلولاً مناسبة لمثل هذه الازمات التي قد تحدث لاحقاً وستحاول النهوض في اعادة صياغة منظومة النظم الصحية وفق معايير العمولة الرقمية ارتباطاً بعولمة جميع المجالات

لقد اثبت هذا الوباء سواء كان هذا الفيروس صناعة ام ابتلاء.. اثبت اهمية عولمة النهج واعادة صياغة القوانين بما ينسجم مع متطلبات التحول الرقمي والالكتروني

لا شيىء يختلف لقد تشابهت هموم الدول في القارات السبع وتداخلت جهودها في نظرية واحدة هو الخروج من المأزق.. لقد قاد هذا التشابه هذه الدول الى ضرورة صياغة عالم وجودي جديد وفق منهجية العولمة وبات لزاماً عليها صياغة قوانين جديدة تستند الى ضوابط رقمية ترتبط بمنهجية متطلبات المرحلة المستقبلية القادمة وطرح جميع المفاهيم على الطاولة واعادة ترتيب ابجديات النهوض نحو افق جديدة تتناسب مع صراح البقاء الرقمي والتطور التكنولوجي

الى هنا .. فقد ساهم هذا الوباء في ابراز مواطن الخلل في النظم الاقتصادية والصحية والتعليمية فاتضحت عيوب افتقار هذه الدول الى التعلم الالكتروني او التعلم عن بعد والذي بات هماً دولياً كونه المحرك والاصل في انتاج وتدوير عجلة نهضة الامم ، فالتعليم هو الذي ينتج العقول التي تخترع وتطور نظم الحياة الفاعلة

دخلت ازمة كورونا على خط مخاطر ازمات الاقتصاد العالمي وزادت في ظهور مخاطرها رغم ان الازمات الاقتصادية الكبيرة مع انتهاء ازمة كورونا لا تزال مؤجلة في العديد من الدول ولم تتضح لغاية الان  ، في الاول من اذار صدرت دراسة عن مؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية (الاونكتاد) حذرت الدول من الصدمة التي تسببت بها كورونا والتي ستؤدي الى ركود اقتصاد بعض الدول وانخفاض النمو السنوي العالمي هذا العام الى اقل من 2,5 % في اسوأ السيناريوهات  الامر الذي سيشهد عجزاً في الدخل العالمي بقيمة تريليوني دولار

لقد شهد الاقتصاد العالمي حالة اقفال تام ادى الى تراجع النشاط الصناعي والتجاري وان اثار هذه الازمة سيمتد الى فترات طويلة وانكماش ملموس في حجم هذه الانشطة وعليه فانه من الصعب اعادة تشغيل الاقتصاد العالمي بنفس الوتيرة السابقة مالم تخضع تلك القوانين والانظمة تعديلاً على جوهرها ارتباطاً بعولمة النهج الاقتصادي لضمان عدم دخول الاقتصاد بمراحل مشابهة مستقبلاً

لقد اظهرت هذه الازمة مما لا شك فيه ان العالم سيشهد تغيرات نظامية تدخل الى منظومة الاقتصاد العالمي واعادة تعريف الانتاج والتصنيع والاستهلاك وهذه التغيرات ستنتج منظومة جديدة يعيد الاعتبار الى الانتاج الوطني للدول مقابل انماط موحدة عالمياً يعيد الاعتبار للصناعة والانتاج على حساب التداول الرقمي واحداً من اكبر العبر المستفادة من هذه الازمة سيقلق الدول وهو فيما يتعلق بالأنظمة الصحية ، اضافة الى تطوير تقنية التعلم عن بعد وتطوير نظم اسواق المال والتجارة الالكترونية التي بدورها ستقلص من عدد الموظفين وتزيد في سرعة تدفق البضائع والسلع .

• هذه المقالة مساهمة من الاستاذ خلف الخالدي -كاتب أردني مهتم بالشأن العام ، ضمن مبادرة المركز من خلال صفحة أصدقاء مركز شرفات للمشاركة بالكتابة والتعليقات حول مختلف المواضيع التي تهم نشاطات المركز وخاصة ملف فيروس كورونا.