حركة المقاتلون الأجانب في تنظيم داعش الارهابي بعد هزيمته في العراق وسوريا

0

الملخص
– معظم الإحصائيات لعدد المقاتلين الأجانب في سوريا والعراق تقديرية وليست دقيقة، وهناك حركة مستمرة لهؤلاء المقاتلين بين سوريا والعراق بسبب حالة الفوضى العامة وانعدام سيطرة الدولة وتحول سوريا والعراق إلى “دول فاشلة”.
– يعيش تنظيم داعش مرحلة الابتلاء وامتحان الصبر وتقديم التضحيات بالنفس والأموال وهو يلائم العقلية الإسلامية السلفية –الجهادية التي تحكم قيادة داعش والتي تقوم على أنهم سيقاتلون حتى الموت أو الشهادة باعتبار أن هذا هو ما يسعون اليه أصلا : وهو شعار النصر أو الشهادة في سبيل إقامة الخلافة الإسلامية .
– سيتحول شعار التنظيم من شعاره المزدوج: البقاء والتمدد؛ إلى شعار البقاء فقط.
– سيقوم داعش بتنفيذ عمليات إرهابية ضد أهداف سهلة ورخوة وذلك بهدف لفت الأنظار وإثبات الوجود فقط. وسيتم تنفيذ العمليات الإرهابية من خلال استخدام أسلوب الذئاب المنفردة.
– الساحات المرشحة لتنفيذ هذه الهجمات هي: فرنسا ، وألمانيا ، وأمريكا، وجنوب شرق أسيا خاصة في إندونيسيا .
-سيظهر مستقبلا ً نسخة أكثر عنفا وتوحشا من داعش موديل 2017م.

الحالة
ــــــــــــــــ

– تشير معظم التقديرات المتفق عليها ( من الأجهزة الاستخبارية العالمية خاصة المخابرات الأمريكية والبريطانية الألمانية ولبلجيكية والهولندية ، والأمم المتحدة ، والمنسق الأوربي العام لمكافحة الإرهاب ومراكز الدراسات الأمنية المختصة بالإرهاب) إلى أن عدد المقاتلين الأجانب في سوريا والعراق يتراوح حتى أخر إحصاء ديسمبر2015م ( ما بين 27الف إلى 31 الف) مقاتل ومن 86 بلد في العالم. هناك معلومات غير مؤكدة بأن هناك (9) مقاتلين فقط من اليابان حسب تقديرات أذار 2015م .
1- هل سيستمر المقاتلون الأجانب بالقتال في العراق وسوريا بعد هزيمة داعش؟
– السيناريو الأول: فرضية “الابتلاء والمحنّة.
تقوم هذه الفرضية حسب اعتقادي ومعلوماتي على أنهم يعيشون مرحلة الابتلاء وامتحان الصبر وتقديم التضحيات بالنفس والأموال وهو يلائم العقلية الإسلامية السلفية-الجهادية التي تحكم قيادة داعش والتي تقوم على أنهم سيقاتلون حتى الموت أو الشهادة باعتبار أن هذا هو ما يسعون اليه أصلا : وهو شعار النصر أو الشهادة .
وأشير هنا إلى الرسالة( التي نشرتها مجلة النيوزويك الأمريكية باللغة العربية8-8-2016 ،الصفحة الثالثة ) التي أرسلتها قيادة داعش إلى القائد العسكري لمدينة منبج شمال سورية أبو يحيى الشامي قبل أربعة أيام من سقوط المدينة بيد قوات سوريا الديمقراطية ،والتي طلبت منه القتال حتى الموت وعدم الانسحاب وقتل كل من يهرب من المعركة، أو يفكر بالانسحاب أو الاستسلام.
– لن يعترفوا بالهزيمة حتى لو خرجوا من الموصل إلى سوريا أو غيرها من المناطق داخل العراق ؛ خاصة وأن خطاب داعش في كل أدبياتهم وتصريحات قياداتهم مثل أبو محمد العدناني قبل مقتله ورسالة منبج أعلاه تؤكد هذا .
– يركز خطاب التنظيم على الادعاء أنهم يكسبون المعارك حتى بعد خسارتهم العسكرية وقد ظهر ذلك في سوريا( في منبج) والعراق(في الأنبار) أيضا وحجتهم في ذلك انهم يربحون الشهادة والجنة ،وأنهم يلهمّون الأجيال الإسلامية الشابة المؤمنة بالجهاد وإقامة الخلافة الإسلامية .
– ستراهن قيادة التنظيم على البقاء لأطول وقت في الصمود و القتال؛ والمراهنة على:
1- تأييد الحاضنّة الشعبية السنية في محافظة نينوى والموصل التي تشكل حوالي 26% من المواطنين المؤيدين للتنظيم .
2- خوف المواطنين السنة من انتقام الشيعة وقوات الحشد الشعبي والبشمركه وهنا تصبح داعش حاضنة اضطرارية لأكثر من 54% من المواطنين السنة في الوصل .و يمكن للمتابع لسير العمليات من خلال وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي أن يرى الشعارات الطائفية الشيعية موجودة على السيارات والمركبات العسكرية المشاركة في المعركة ، علما ً بأن هذه الشعارات الطائفية كانت وما زالت تثير غضب وحقد المواطنين السنة داخل العراق وخارجة في الوطن العربي والإسلامي.
– الاستقطاب الشديد جدا ً، وخلافات الأطراف السياسة الفاعلة من الدول اللاعبة في الملف خاصة (أمريكا وروسيا، وتركيا والعراق ) سواء على أرض المعركة أو في الغرف المغلقة في المفاوضات السرية، والأطراف الفاعلة من غير الدول خاصة القبائل والعشائر مثل عشائر شمر وعبيد التي تشارك من خلال ما يسمى الحشد العشائري الذي يتزعمه العميد / خالد أحمد صفوق الجرباء الشمري الذي تم استهدافه أكثر من مره من قبل داعش وتم تفجير منزله في الموصل ، والتركمان واليزيدية والمسيحيين والأحزاب السياسية مثل حزب العمال الكردستاني الذي يتلقى الدعم من سوريا وايران في منطقة سنجار، وحزب الاتحاد الوطني في منطقة الموصل.
ولعل ما يؤكد قولي أن جيمس جيفري سفير الولايات المتحدة السابق لدى تركيا والعراق أكد (16 أكتوبر 2016)أكد هو أيضاً أن مقاتلي داعش سيقاتلون بضراوة وعنف . في حين أن القوات العراقية منقسمة ما بين جيش وشرطة وميليشيات شيعية مدعومة من إيران وبيشمركة كردية وسكان عرب سنة منقسمين على أنفسهم على رأسهم محافظ نينوى السابق أثيل النجفي حليف تركيا ، ونوفل حمادي حليف بغداد وايران ولذلك، لن يكون توحيد الجهود سهلاً. وسيكون لهذه الانقسامات أهمية أكبر في اليوم التالي لمعركة الموصل.
– هناك مصادر عشائرية أعلمتني بأن الكثير من المقاتلين الأجانب تم نقلهم إلى سوريا قبل بداية معركة الموصل.
السيناريو الثاني: فرضية البقاء
– تقوم هذه الفرضية على أن هزيمة داعش هي حتمية وانها مسالة وقت فقط . وأن هدف التنظيم الأن هو البقاء لأنه أهم للتنظيم من التمدد والتوسع.
– سيتم التحول من شعار المزدوج: البقاء والتمدد على الأرض الذي طبقه التنظيم خلال العامين 2014و 2015 إلى شعار البقاء فقط. و حسب معلوماتي فأن التنظيم كان يعتمد على كتاب: إدارة التوحش لأبو بكر ناجي في نظرية التوسع والتمدد .
– سيتم تحوّل في تكتيكات التنظيم ؛لكن دون تغير على الاستراتيجية الكبرى للتنظيم وهي إقامة الخلافة الإسلامية .
– سيعود التنظيم للعمل تحت الأرض بسرية اكثر وضمن جماعات صغيرة وعلاقات شخصية في المدن العراقية خاصة في نينوى والأنبار خاصة في الحواضن التي ما يزال يسيطر عليها في قضاء عانة ، و راوى ، والقائم التي تشكل المراكز الرئيسة للسنة .
– سيتم التركيز والتوسع في استخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي في التجنيد والدعم والتمويل والدعاية والحرب الإلكترونية ( الهاكر ، سرقة المعلومات ، استهداف المواقع …).
– سيستفيد التنظيم من الفراغ السياسي والصراع بين السنه والشيعة وبين الإدارة المركزية في بغداد والأكراد في أربيل وكركوك والسليمانية . كما قال مؤخراً مبعوث الرئيس الأمريكي الخاص للتحالف الدولي ضد تنظيم داعش بريت ماكغورك، إن الانتصار في الموصل لا يعني نهاية داعش ولكنه سيقيّده ويمهّد الطريق للمعركة النهائية في عاصمته السورية، الرقة.
– سيكون أمام التنظيم ثلاثة خيارات قاسية وهي:
1- خيار القتال حتى الموت والشهادة، وهو الخيار الذي يطبق الآن و ما يجري على الأرض حاليا بعد أسبوعين من القتال منذ إعلان انطلاق المعركة فجر 17-10-2016م.
2- خيار الهروب والاختفاء والذوبان في المجتمع ، وهناك معلومات مؤكدة أن هناك أعداد كبيرة هربت بالفعل من الموصل عن طريق تل أعفر جزء نحو سوريا إلى القامشلي والرقة ، وجزء هرب باتجاه الأنبار ، وبعظهم خرج متخفيا كنازحين .
3- الوقوع في الأسر، أو الاستسلام ، ومصيرهم إما القتل أو السجن من قبل القوات العراقية والحشد الشعبي أو تحويلهم إلى بلدانهم الأصلية خاصة الدول الأوروبية التي لديها برامج لاستيعاب العائدين خاصة فرنسا التي أشارت معلومات إلى وجود 200 مقاتل منها داخل الموصل.
ثانيا: هل يوجد احتمال أو خطط لعمليات إرهابية من قبل خلايا داعش في الدول الأجنبية مثل الدول الغربية والأسيوية من اجل إبراز قوة التنظيم ؟
السيناريو الأول: احتمال القيام بعمليات إرهابية
1- على المدى القصير؛ لا استبعد القيام بمثل هذه العمليات ضد أهداف سهلة ورخوة مثل مراكز التسوق، المطاعم الكبيرة، الملاهي، الساحات العامة و ملاعب كرة القدم وذلك بهدف لفت الأنظار فقط. وإثبات فرضية البقاء التي تحدثت عنها أعلاه. لكنني أعتقد بأن هذه العمليات ستكون رمزية وليست كبيرة بل رسائل ذات صدى إعلامي كبير للغرب والعالم الإسلامي والمؤيدين أن التنظيم ما يزال باقيا.
2- سيتم تنفيذ العمليات الإرهابية من خلال استخدام أسلوب الذئاب المنفردة.
3-أعتقد أن الدول والساحات المرشحة لتنفيذ هذه الهجمات هي: فرنسا نظرا لوجود جالية إسلامية كبيرة هناك وألمانيا نظر لوجود حوالي مليون مهاجر ولاجئ معظمهم من سوريا، واستمرار ضعف التنسيق بين دول الاتحاد الأوروبي في مجال “مشاركة المعلومات الاستخبارية” . وأمريكا نظرا لانشغال السياسيين والمواطنين بالتحضير للانتخابات الرئاسية 8 نوفمبر 2016م. ولا استبعد تنفيذ هجمات في جنوب شرق أسيا خاصة في إندونيسيا ضد المصالح الغربية خاصة وأن الجماعات الإسلامية الإرهابية هناك تملك خبرة كبيرة جدا في تنفيذ العمليات الانتحارية .
4- على المدى المتوسط والطويل سيقوم التنظيم بتنفيذ عمليات وإرهابية عنيفة في دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا للانتقام من هذه الدول، وكسب المزيد من الدعاية والأعلام والتجنيد في الأوساط الإسلامية.
السيناريو الثاني: الهدوء والانسحاب، والذوبان وسط المواطنين والعودة تحت الأرض وعدم القيام بالعمليات الإرهابية بهدف المحافظة على البقاء.
– هذا هو السيناريو الأكثر احتمالا الآن وسط أجواء المعركة الدائرة في الموصل والتحضير لمعركة الرقة القادمة التي يبدو أن الأمريكان يتحمسون لها أكثر من الموصل نظرا للصراع الشديد الآن بين روسيا وأمريكا خاصة بعد الخطاب العنيف لفلاديمير لبوتين في الكلمة التي ألقاها أثناء جلسة عامة لـ “نادي فالداي” في مدينة سوتشي 27اكتوبر2016م وتحدث عن فشل التنسيق مع أمريكا بمكافحة الإرهاب في سوريا .
– يعتمد هذا السيناريو على عاملين هما:
1- استمرار الصراع والاستقطاب بين الطراف الفاعلة من الدول وغير الدول في سوريا .
2- إنّ استمرار سياسية الإقصاء والتهميش للمكون السني من قبل السلطات المركزية في بغداد سيبقى يمنح داعش البقاء والاستمرار ويزود التنظيم بالمجندين بحجة أنه يدافع عن السنة في العراق في وجه ايران والشيعة . وستظهر نسخة أخرى معدّلة ومتطورة من التنظيمات الإرهابية اكثر رعباً وتوحشا من نسخة داعش 2017م.

الدكتور سعود الشرفات
مدير مركز شُرُفات لدراسات وبحوث العولمة والارهاب

– ملاحظة : تم اعداد هذه المقالة قبل هزيمة داعش في الرقة -سوريا .


About Author

Saud Al-Sharafat ,Phd https://orcid.org/0000-0003-3748-9359 Dr. Al-Sharafat is a Brigadier-General (Ret), Jordanian General Intelligence Directorate (GID). Member of the National Policy Council (NPC), Jordan, 2012-2015. The founder and director of the Shorufat Center for Globalization and Terrorism Studies, Amman. His research interests focus on globalization, terrorism, Intelligence Analysis, Securitization, and Jordanian affairs. Among his publications: Haris al-nahir: istoriography al-irhab fi al-Urdunn khelall 1921-2020} {Arabic} {The River Guardian: the historiography of terrorism in Jordan during 1921-2020}, Ministry of Culture, Jordan, www.culture.gov.jo (2021). Jordan, (chapter)in the Handbook of Terrorism in the Middle East, Insurgency and Terrorism Series, Gunaratna, R. (Ed.), World Scientific Publishing, August 2022, 47-63 https://doi.org/10.1142/9789811256882_0003. Chapter” Securitization of the Coronavirus Crisis in Jordan, “Aslam, M.M., & Gunaratna, R. (Eds.). (2022). COVID-19 in South, West, and Southeast Asia: Risk and Response in the Early Phase (1st ed.). Routledge. https://doi.org/10.4324/9781003291909

Leave A Reply