منجد عبيدات
خاص لمركز شُرُفات لدراسات وبحوث العولمة والارهاب
الأردن – عمان
مقدمة المركز
نظرة تحليلية على واقع بيئة الاستثمار والأعمال في الاقتصاد الأردني الذي يعاني من ركود وإختناقات قتصادية-سياسية-اجتماعية خطيرة منها ما هو بنيوي يتعلق ببنية الاقتصاد الأردني الهشة أصلا ومنها ما يتعلق بتأثيرات وضغوطات العولمة الاقتصادية في العالم وأثر التداعيات السياسية السلبية نتيجة الحرب والفوضى في دول الجوار خاصة سوريا والعراق.
العرض :
لا يخفى على احد ان المنطقة اليوم تعاني من ازمة اقتصادية حادة ألقت بظلالها على الجميع ، و الاقتصاد الاردني شأنه شأن باقي اقتصاديات الدول قد تأثر بشكل واضح بهذه الازمة سلبا و ظهر هذا الاثر جليا و انعكس على كافة القطاعات الصناعية و التجارية و الخدمية ، و ابرز ملامح هذة الازمة هو نقص السيولة الحاد (العسر المالي) و الناتج عن انخفاض الطلب و زيادة العرض و انخفاض الصادرات للدول المجاورة نتيجة الاوضاع فيها و كذلك نتيجة عزوف المستثمرين المحلين عن انشاء اعمال جديدة و ضخ السيولة في السوق بدلالة ارتفاع حجم الودائع لدى البنوك الاردنية .
و تعتبر السيولة هي عامود النشاط التشغيلي لاي منشأة و نقصها يؤدي الى اضطراب مالي لدى التاجر و بالتالي تعثر نشاطه التشغيلي الاعتيادي و يترتب على ذلك ازدياد مؤشرات عدم امكانية الاستمرار بالعمل للمنشأة الامر الذي يؤدي الى عدم قدرة التاجر- يشمل لفظ تاجر الصناعيين وفق احكام قانون التجارة – على الوفاء بالتزماته تجاه الموردين و تجاه العمال و بالتالي سيقرر الخروج من السوق و خسارة العاملين لوظائفهم و خسارة الدولة لاحد دافعي الضرائب و ايضا يؤدي الى تضرر دائتي التاجر الذين لن يستردوا كامل ديونهم نتيجة توقف التاجر عن العمل و سيكتفون بما هو موجود عندة و يقتسمونه قسمة غرماء .
ان هذا الوضع المالي و الاقتصادي الذي تمر به منشأتنا التجارية و الصناعية و الخدمية هذة الايام هو وضع إستثنائي و ناتج عن عوامل خارجية انعكست اثارها على اوضاع الاردن الاقتصادية الداخلية ، و امام هذا الوضع الاستثنائي فإننا بحاجة الى قانون ينقذ و يحمي التجار من هذا الاضطراب المالي المؤقت و يعطيهم جرعة امل للتغلب عليه و يساعدهم على البقاء بالسوق و يعطيهم المجال لاعادة تنظيم انفسهم و معالجة اضطرابهم المالي و التشغيلي و الوفاء بديونهم .
ان هذا القانون هو قانون اعادة التنظيم و الافلاس و التصفية (قانون التعثر التجاري )الذي لا يزال مشروعا محفوظا في ادراج اللجنة القانونية لمجلس النواب الاردني رغم اننا بحاجة ماسة له و خاصة في هذة الايام العسيرة لحماية التجار الافراد و الشركات للبقاء بالسوق و حماية العاملين لديهم من خسارة وظائفهم.
ان اقرار هذا القانون مهم جدا اقتصاديا و اجتماعيا و نحن بحاجة له و تظهر اهم نواحي اهميته على النحو الاتي :
- ما زلنا نفتقر في الاردن الى اطار تشريعي يحدد ما هو التعثر التجاري و من هو التاجر المتعثر .
- لا يوجد الى اليوم مظلة قانونية تساعد التاجر المتعثر على اعادة تنظيم نفسة بشكل فعال و مقنن للخروج من حالة التعثر و ان كان هناك ما يسمى بالصلح الواقي من الافلاس الا انه اثبت عدم جدواه و كيف يكون كذلك و هو موضوع منذ عام 1966 و لم يتم تعديله .
- لا يوجد لدينا اطار تشريعي يؤدي اللى غربلة الاعمال التجارية المتعثرة و القابلة للاستمرار من الاعمال المتعثرة غير القابلة للاستمرار بحيث تضع الية منضبطة و واضحة لانهاء العمل طوعا او جبرا و يكون البقاء للاعمال الاجدى اقتصاديا .
- ان تعثر النشاط التشغيلي الناتج عن الاضطراب المالي ينعكس سلبا و بشكل واضح على المنشأة الصغير و المتوسطة بشكل اكبر نظرا لصغر راس مالها العامل و الذي يكون بالعادة مصدره القروض البنكية، و حيث ان معظم عائد هذة الانشطة في بداياتها يذهب لسداد فوائد هذه القروض و بالتالي تصبح هذه المنشأت غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها قصيرة الاجل و علية تقرر الخروج من السوق و تصفية اعمالها رغم انه لو تم اعطائها الوقت لعملت على بتنظيم اعمالها و عاودوا تسديد التزاماتهم علما ان هذا النوع من المنشأت يشكل اكثر من 95% من المنشأت في الاردن .
- ان العملية الصناعية / التجارية / الخدمية هي عبارة عن حلقة و سلسلة عناصرها المصنع ، تاجر الجملة ، تاجر التجزئة و علية فان اي خلل يلحق باحد هذة العناصر و اي تعثر يلحق باحدهم ينعكس سلبا على باقي العناصر الاخرى و ربما تعثر احد و /او باقي العناصر و من هنا تبرز اهمية المحافظة على هذة السلسة من التعثر .
- ان معيار التوقف عن الدفع الوارد في قانون التجارة الاردني كسبب لاشهار افلاس التاجر الفرد و معيار عدم قدرة الشركة على الوفاء بالتزاماتها و معيار نسبة الخسائر الى راس المال المدفوع كاحد معايير تصفية الشركات لم تعد تتناسب مع المفاهيم المحاسبية الحديثة و معايير الاستمرارية التي هي اساس البقاء او الخروج من السوق و علية نحتاج الى معيار جديد يكون اساسه قدرة المنشأة على الاستمرار بنشاطها التشغيلي و هذا ما يوفره مشروع القانون
ان تعثر النشاط التشغيلي للتاجر و ازدياد مؤشرات عدم امكانية الاستمرار في العمل قد يتم التغلب علية بإقرار القانون الذي يسمح للتاجر المتعثر بإعادة تنظيم نفسة من خلال تقديمة خطة فعالة تتضمن الاجراءات الواجب اتباعها و التي تكفل له تنظيم اوضاعة المالية و الادارية و التشغيلية و الخروج من الوضع الاستثنائي الذي يمر به مع توفير الحماية القانونية له من الاجراءات التي يتخذها الدائنون لتحصيل ديونهم دون مراعاة ان ما يمر به التاجر هو وضع مؤقت بحيث يتم وقف الدعاوى و اجراءات الحجز و البيع بالمزاد العلني طيلة مدة تنفيذ الخطة مع مراعاة ان تكون هناك مدة محدد لتنفيذ الخطة و ذلك لحماية الدائنين .
و بالاضافة الى ان اقرار قانون اعادة التنظيم يساعد في انقاذ التجار المتعثرين الا ان هناك امور اخرى تساعد في ذلك و على سبيل المثال لا الحصر :
- انشاء صندوق لمساعدة الشركات المتعثرة اصبح ضرورة فهناك مشاريع تحتاج فعلا الى مساعدة مالية و دعما ماليا لبقاء استمرارها و معالجة تعثرها و هذا الصندوق يجب ان يدار من قبل اشخاص متخصصون و لديهم الخبرة الكافية في تحديد المشاريع التي يجب ان تستفيد من هذا الصندوق و التي تكون قابلة للاستمرار و الحياة و ان لايكون تعثرها ناتج عن فساد مالي او اداري و بالتالي يوفر حماية للعاملين و الدائنين ، اما عن موارد هذا الصندوق من الممكن توفير المورد الرئيس له عن طريق تحميل الشركات المسجلة و المؤسسات الفردية المسجلة مبلغ رمزي و ان كان رمزيا الا ان مجموعة يشكل مبلغ جيد بالنظر الى عدد التجار الافراد و الشركات المسجل ، كما ان هذا الصندوق من الممكن ان يدعم الشركات المتعثرة من خلال الدخول كشريك في هذة الشركات و الاشتراك بالادارة و بالتالي لا يكون الدعم هنا على سبيل التبرع ، و مثل هذا الصندوق لا يكون الا بايجاد مضلة قانونية له .
- ان يتم اعادة النظر في تعليمات اعادة جدولة الديون المتعثرة و الصادرة عن البنك المركزي لتتلائم و الاوضاع الاقتصادية الحالية و تخفيف القيود على اعادة الجدولة و بالتالي تساهم البنوك و هي بالعادة تكون اكبر الدائنين في مساعدة التجار و الشركات المتعثرة على الاستمرار و تجنب شبح الافلاس و / أو التصفية .
- منجد صالح عبيدات
ماجستير قانون تجاري / جامعة اليرموك .محامي منذ 2005
رئيس وحدة الشركات المتعثرة سابقا /دائرة مراقبة الشركات ومستشار قانوني و مدير دائرة قانونية حاليا
محاضر غير متفرغ / جامعة الاميرة سمية للتكنولوجيا