رغم التغطية والهالة الاعلامية الواسعة حول تنظيم داعش عالميا ؛ ورغم انه ظاهرة عربية –اسلامية المنشأ والوجود الا أن حجم المنتج العربي ( التحليل والكتابة والتأليف على شكل كتب ) حوله محدود ، ولا يعكس أهمية وخطورة تطرف وارهاب وتوحش داعش ، ولا يكاد يذكر مقارنة بحجم حركة التأليف والنشر في أوروبا وأمريكا.
ومن خلال استعراض سريع لهذا الانتاج تحت عنوان (كتب عربية حول داعش )على محرك البحث ( جوجل) ، حتى تاريخ (3/12/2015) حيث تتبعت ما مجموعة (87)صفحة وبما مجموعة(2850000) نتيجة ، كوسيلة للإحاطة وتتبع هذا الانتاج على شبكة الانترنت ، رصدت ما مجموعة(28) كتابا باللغة العربية خلال الفترة 2014-2015م .
ومن ضمن هذه الكتب ؛ هناك كتابان فقط لكتاب أردنيين : كتاب محمد ابورمان الباحث في الجماعات الاسلامية والكاتب في صحيفة الغد الاردنية بالاشتراك مع الباحث في الجماعات المتطرفة حسن ابو هنية تحت عنوان تنظيم الدولة الاسلامية ” الأزمة السنية والصراع على الجهادية العالمية . والكتاب الاخر هو للصحفي أسعد العزوني الكاتب في صحيفة الدستور الاردنية بعنوان ( داعش .. النشأة والتوظيف الاعلامي ) ،2015م والذي أهداه لشهيد ارهاب داعش الطيار الاردني / معاذ الكساسبة .
ومن خلال قراءة وتحليل أولي لهذه الكتب؛ رصدت الملاحظات التالية :
1- كتابة صحفية وصفية بعيدة عن البحث العلمي الرصين.
2- سطحّية؛ تخلو من العمق النقدي والتحليلي.
3- سردّية؛ مدرسّية اعادة وتكرار لنفس المعلومات.
4- كتبت على استعجال شديد، ولأهداف تجارية والمشاركة في معارض الكتب العربية. لكن مع أهمية الإشارة الى أن أخر معرض عربي للكتاب في جدة –السعودية أواخر كانون أول 2015م شهد بشكلٍ يثير الاستغراب حضوراً ضعيفاً للكتب التي تبحث التطرف الديني والإرهاب ، وكأن السعودية ، تخلو من الارهاب والتطرف ؛ ليست متهمة بدعم السلفّية الوهابية الجهادّية والتطرف والارهاب !؟
5- هناك مشاكل في عملية الاخراج الفني والتحرير .
6- خلوها من مناهج البحث وأدوات النقد التحليلية.
7- خلوها ( إلا ما ندر ) من أي تأصيل مفاهيمي ديني
8- هناك ضعف شديد في توظيف أدوات التحليل الاستخباري المتخصص لكيفية مقاربة ومحاربة الارهاب والتطرف وتأثيره على الأمن الدولي في حقبة العولمة الحالية .
9- لا تربط هذه الكتب بين تأثيرات العولمة وموجات التطرف والارهاب العالمي الجديد ، والاستثناء الوحيد الذي أفرد فصل في كتابه للحديث عن اثار العولمة على بروز داعش ؛ كان هيثم مناع .
10- مقاربة داعش وكأنه حركة تحرر وطني او حركة ثورية مقاومة للاحتلال تسعى لتحرير العرب والمسلمين من مشاريع الصهيونية العالمية والامبريالية الامريكية والاوروبية .
ويمكن تلمّس هذه الروحية – على سبيل المثال – بشكل واضح ؛ لدى عددا من الكتاب بما يجعل القارئ يظن أنه يتحدث عن حركة تحرر وطنية لا عن تنظيم ارهابي ذي مشروع عنصري متخلف متوحش .
11- خلوها من النقد وتحليل الخطاب الديني المتطرف، وان ظهر فأنه على استحياء شديد وتتجلى فيه الروح الخائفة بشكل كبير.
12- انتهازية ؛ وميوعة خطاب الليبرالية والعلمانّية العربية بشكل عام حيث ظهر – حتى الان – متماهيا ومنسجما في اطارة العام مع الخطاب المتطرف لداعش ، خاصة عندما يضرب الارهاب في المدن الأوروبية وامريكا ؛ حتى ليبدو الأمر من قبل هذه الانتهازية وكان داعش تحارب الاستعمار والامبريالية والصهيونية وتنتقم من الاستعمار الفرنسي والبريطاني في الدول العربية والاسلامية ،أو أنها حركة مقاومة للعولمة .
هذا ؛ ولا شك عندي بأن ما قام به هؤلاء الكتاب جهدٌ مشكور ويثمن عاليا ،خاصة في ظل الصعوبات التي تعترض وتواجه الكتاب والباحثين في هذا الحقل المحفوف بالمخاطر، والتي خبرتها ومررت بها شخصياً لدى محاولاتي المتواضعة الكتابة والتأليف في هذا الحقل ، والتي تشمل منظومة واسعة وعميقة جدا من المعيقات ابتداء من ضعف التمويل والدعم للباحثين ، والرقابة الحكومية الشديدة وحدة مقص الرقيب على المنتج الحر والتجديد خاصة في الموروث الديني . إضافة إلى الجدار المنيع من ” التابوهات” وتكلّسات الوعي والكُساح الثقافي والمعرفي حدّ الخواء الذي يعكس على صفحته المرتجة أرواحنا الخائفة .
* قدمت هذه الورقة في ندوة التطرف التي عقدت 2015م في جامعة آل البيت – المفرق -الأردن 
بالتعاون مع مركز شرفات
الدكتور /سعود الشرفات
مدير مركز شرفات لدراسات وبحوث العولمة والارهاب /عمان
